الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نعثر على اسم ناظم هذه الأبيات، وقد سيقت حكايةُ عن الله تبارك وتعالى! وقريب منه ما ذكره الشهاب الخفاجي في كتاب: ريحانة الألبَّا ـ في ترجمة بدر الدين بن رضي الدين الغزي العامري، من نظمه:
إن ألطاف إلهي * ليَ قالت خلِّ عنكا
لا تدبر لك أمرا أنا أولى بك منكا. اهـ.
ولم نجد من أهل العلم من تناول بيان حكم مثل ذلك، من نظم الشعر حكاية عن الله سبحانه! والامتناع عن هذا هو الأسلم، ومع ذلك، فلا يظهر لنا الحكم بحرمته إن كانت المعاني مما يليق نسبتها لله عز وجل، ومن ذلك ما فعله ابن القيم في نونيته حيث قال:
واذكر حديثا في الصحيح تضمّنت كلماته تكذيب ذي البهتان
لما قضى الله الخليقة ربنا كتبت يداه كتاب ذي الإحسان
وكتابه هو عنده وضع على الـ * ـعرش المجيد الثابت الأركان
إني أنا الرحمن تسبق رحمتي * غضبي وذاك لرأفتي وحناني. اهـ.
فهذا البيت الأخير فيه حكاية عن الله تعالى، وكأنه من كلامه سبحانه.
ولا يزال أهل العلم يذكرون كلاما من عند أنفسهم ويحكونه عن الله عز وجل، كما قال ابن القيم في مدارج السالكين:.. لم يزل يتمقت إليه بمعاصيه، حتى أعرض عنه، وأغلق الباب في وجهه، ومع هذا فلم يؤيسه من رحمته، بل قال: متى جئتني قبلتك، إن أتيتني ليلا قبلتك، وإن أتيتني نهارا قبلتك، وإن تقربت مني شبرا تقربت منك ذراعا ـ في كلام طويل إلى أن قال: أشكر اليسير من العمل، وأغفر الكثير من الزلل، رحمتي سبقت غضبي، وحلمي سبق مؤاخذتي، وعفوي سبق عقوبتي، أنا أرحم بعبادي من الوالدة بولدها... اهـ.
ومن ذلك ما قاله ابن الجوزي في التبصرة: يا مستورا على الذنب انظر في ستر من أنت، لو عرفتني أعرضت عن غيري لو أحببتني أبغضت ما سواي، لو لاحظت لطفي لتوكلت ضرورة علي، خاصمت عنك قبل وجودك: إني أعلم ما لا تعلمون ـ واستكثرت قليل عملك: والذاكرين الله كثيرا والذاكرات ـ واعتذرت لك في زللك: فدلاهما بغرور ـ وغطيت قبيح فعلك: يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله ـ ولقنتك عذرك عند زللك: ما غرك بربك الكريم ـ وأربحتك معاملتك: فله عشر أمثالها.. اهـ.
والله أعلم.