الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الإسراف، والتبذير من الأمور المذمومة شرعًا، قال الله تعالى: وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ {الأنعام:141}.
وقال تعالى: وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ {الإسراء:26ـ27}.
والإسراف هو مجاوزة الحد في استهلاك المباحات، قال ابن عابدين ـ رحمه الله ـ في رد المحتار: الإسراف صرف الشيء فيما ينبغي زائدًا على ما ينبغي. انتهى.
وقد حرمه غير واحد من أهل العلم، منهم شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ كما نقله عنه غير واحد، منهم: ابن مفلح في الآداب الشرعية فقال: وقال الشيخ تقي الدين في موضع آخر: الإسراف في المباحات هو مجاوزة الحد، وهو من العدوان المحرم. انتهى.
فإذا لم تكن هناك حاجة في ترك المصابيح مضاءة فيجب إطفاؤها، قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -: الواجب على الإنسان ألا يشغل من الأنوار إلا ما يحتاج إليه، من احتاج إليه فلا بأس، وإلا فلا يشغلها. انتهى.
وينبغي ألا يؤدي ذلك إلى الحرج والمشقة، كأن يطالب بإغلاقها في كل مرة، في كل زمن يسير، وكذلك ينبغي الأخذ في الاعتبار أن بعض الأجهزة الإلكترونية يلحقها ضرر بكثرة إغلاقها وفتحها، وأن بعض المصابيح تستهلك عند فتحها من جديد طاقةً أكثر مما لو تركت مفتوحة زمنًا معينًا يعرفه أهل الخبرة، ففي مثل هذه الحالات لا يعد تركها من الإسراف، وللفائدة يرجى مراجعة هذه الفتوى رقم: 107759، وما أحيل فيها عليه.
ونختم بهذه الفائدة: وهي أن الإسراف والتبذير وإن كانا قريبين في المعنى، إلا أن بينهما فرقا، قال ابن عابدين - رحمه الله -: التبذير يستعمل في المشهور بمعنى الإسراف، والتحقيق أن بينهما فرقًا، وهو أن الإسراف: صرف الشيء فيما ينبغي زائدًا على ما ينبغي، والتبذير: صرف الشيء فيما لا ينبغي. انتهى.
فتبين من كلام ابن عابدين أنما سألت عنه هو من الإسراف عند التحقيق.
والله أعلم.