الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام مجال عمل الشركة محصورا فيما ذكرته من التزوير والتحايل والغش، فلا يجوز لك العمل فيها، وما اكتسبته من ذلك العمل المحرم كسب خبيث، كما بينا في الفتوى رقم: 171257.
لكن إن كنت جاهلا بحرمته، فلا حرج عليك فيما سبق بناء على ما أفتى به الشيخ ابن باز ـ رحمه الله تعالى ـ فقد أفتى بإباحة المال الذي أخذه العامل قبل علمه بالتحريم، واحتج لذلك بقوله تعالى: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {البقرة :275}.
لكن عليك الكف عن ذلك العمل فيها فيما يستقبل، وأما لو كنت عالما بالتحريم فعليك التخلص مما اكتسبته من ذلك العمل بصرفه في مصالح المسلمين ودفعه للفقراء والمساكين، ولو كنت فقيرا محتاجا إلى المال الحرام وقد أنفقت منه ما أنفقت على نفسك لفقرك وحاجتك، فلا شيء عليك، ولك أن تأخذ مما بقي لديك منه قدر حاجتك إذا كنت فقيرا محتاجا، قال النووي في المجموع: وإذا دفعه ـ المال الحرام ـ إلى الفقير لا يكون حراماً على الفقير، بل يكون حلالاً طيباً، وله أن يتصدق به على نفسه وعياله إن كان فقيراً، لأن عياله إذا كانوا فقراء فالوصف موجود فيهم، بل هم أولى من يتصدق عليه، وله هو أن يأخذ قدر حاجته، لأنه أيضاً فقير. انتهى كلامه.
وقد بينا حكم ما تصدق به من الكسب الخبيث في الفتوى رقم: 103490.
وسبل الحلال كثيرة، وقد كان من هديه صلى الله عليه وسلم وتوجيهه للناس أن قال: إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها وأجلها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب. قال الحافظ في الفتح: أخرجه ابن أبي الدنيا في القناعة، وصححه الحاكم من طريق ابن مسعود ـ والحديث صححه الألباني أيضا.
والله أعلم.