الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكذب محرم، وكبيرة من كبائر الذنوب، ومن أسباب سخط علام الغيوب، وردت في التحذير منه، وبيان قبحه كثير من نصوص الشرع، وقد ذكرنا جملة منها في الفتوى رقم: 26391، فلا يجوز للمسلم التهاون في الكذب، والوقوع فيه لأدنى سبب.
ويحرم المصير إلى الكذب الصريح، مع إمكانية تحقيق الغرض المقصود عن طريق المعاريض والتورية، والتي فيها حيلة ومخرج من الوقوع في الكذب، والتورية هي أن يتكلم المتكلم بكلام له معنى ظاهر متبادر للسامع، وله معنى آخر خفي، ومقصود المتكلم هو هذا المعنى الخفي، إلا أنه ورَّاه وأخفاه بذلك المعنى الظاهر المتبادر.
ونحسب أن استخدام المعاريض كاف هنا.
وليس من حق زوجك أن يأمرك بالكذب، ولا تجوز لك طاعته فيه، فإن الطاعة إنما تكون في المعروف، وليس من المعروف أن يأمر الزوج زوجته بما فيه معصية، أو ضرر عليها.
هذا بالإضافة إلى أن من أهل العلم من لم يوجب على الزوجة طاعة زوجها بإطلاق، بل قيد ذلك بأمور النكاح وتوابعه، كما سبق أن بينا في الفتوى رقم: 115078.
وإذا كانت طاعة زوجك لا تجب عليك في مثل هذه الأحوال، فأولى أن لا تجب عليك طاعة أهله، ونرجو أن تتحري الحكمة في الاعتذار بلطف حال طلب منك بالكذب.
وننصح في الختام بالتفاهم بين الزوجين في مثل هذه الأمور بلين ورفق، بعيدًا عن التشنج والعصبية، وكل ما يمكن أن يؤدي إلى الشقاق والنزاع - وفق الله الجميع لما يحب ويرضى -.
والله أعلم.