الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهنيئًا لك بسلوك طريق طلب العلم الشرعي، ونسأل الله أن يزيدنا وإياك علمًا، وأن يجعل ذلك خالصًا لوجهه الكريم، وقد ذكرنا بعض النصائح والتوجيهات لطالب العلم في الفتاوى التالية أرقامها: 20215، 32487، 27788، 20215، 237424.
وأما الابتداء بفن واحد، أو الجمع بين عدة فنون: فنحسب أن الأمر في ذلك واسع، على أن يكون الابتداء بكتاب الله عز وجل، يقول ابن عثيمين - رحمه الله -: خير منهج لطالب العلم أن يبدأ الطالب بفهم كلام الله عز وجل ـ من كتب التفسير الموثوق بها، كتفسير ابن كثير، والبغوي، ثم بفهم ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من السنة من الكتب الحديثة الموثوقة، كبلوغ المرام، والمنتقى، وأصول كتب الحديث الملتزمة بالصحيح، كصحيحي البخاري، ومسلم، ثم بكتب العقيدة السليمة، مثل العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية، ثم بكتب الفقه المختصرة ليتفقه بها على المذهب الذي يراه أقرب إلى الكتاب والسنة ـ وحين يترقى في العلم يقرأ الكتب المطولة ليزداد بها علمًا.
وننصح المبتدئ في علم الحديث بكتاب رياض الصالحين، وكتاب الأربعين النووية، وكلاهما للنووي، وكتاب عمدة الأحكام في الحديث لعبد الغني المقدسي، وكتاب التجريد الصريح مختصر صحيح البخاري للزبيدي، وانظر لمزيد الفائدة الفتويين رقم: 24708، ورقم: 188775.
واعلم أن استماعك لتسجيلات العلماء فيه خير كثير، إلا أنه ليس بمنزلة من تتلمذ على أيديهم مباشرة، يقول ابن عثيمين - رحمه الله -: استماع الأشرطة لا يغني عن الرحلة في الطلب؛ لأن رحلة الطلب أفضل؛ لأن الطالب يجلس إلى العالم، ويتلقى منه مباشرة، ثم إنه ربما يحصل إشكال أو مراجعة، فلا يحصل عليه فيما إذا استمع إلى الأشرطة، لكن لا شك أنه إذا استمع إلى الأشرطة سيستفيد، فالأشرطة خير من الترك، لكن إذا رحل في طلب العلم، فهو أفضل وأنفع.
هذا فضلًا عن كون المكتفي بسماع الأشرطة لا ينال إجازة الشيخ لتلاميذه، وانظر الفتوى رقم: 7677.
والله أعلم.