الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تجوز المحادثة بين الجنسين عبر وسائل التواصل الاجتماعي بداعي الحب والرغبة في الزواج؛ لأن علاقة الحبّ بين الجنسين مظنّة الفتنة، والوقوع في الحرام، فمن أراد نكاح فتاة فليأت ولي أمرها، وليخطبها إليه إن كان فعلًا يحبها، وأهلًا لنكاحها، فإن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال فيما رواه ابن ماجه، وصححه الألباني: لم ُير للمتحابين مثل النكاح. وإلا قطع علاقته بها فإن مثل هذا الحبّ وخيمة عاقبته.
وذلك لأن الأصل في التواصل بين الجنسين الحرمة إلا لحاجة وبضوابط، من أهمها: أمن الفتنة، وعدم النظر إلى صورة الفتاة، وعدم الخضوع بالقول، وعدم التلذذ بسماع صوتها، والحشمة في الكلام، وقد سردنا ضوابط الحوار مع الأجنبية في الفتاوى: 1759، 21582، 181035، 239461، وانظر في علاج داء العشق الفتوى: 9360.
وأما العقاب فألوان، قال ابن القيم - رحمه الله -: فكلّ من أحبّ شيئًا غيرَ الله عُذِّبَ به ثلاث مرّات في هذه الدار: فهو يعذَّب به قبل حصوله حتى يحصل.
فإذا حصل عُذِّبَ به حالَ حصوله بالخوف من سلبه وفواته، والتنغيص والتنكيد عليه، وأنواع المعارضات.
فإذا سُلِبَه اشتدّ عذابُه عليه، فهذه ثلاثة أنواع من العذاب في هذه الدار.
وأما في البرزخ، فعذابٌ يقارنه ألمُ الفراق الذي لا يرجو عودَه، وألمُ فَواتِ ما فاته من النعيم العظيم باشتغاله بضدّه، وألمُ الحجاب عن الله، وألمُ الحسرة التي تقطع الأكباد، فالهم والغم والحسرة والحَزن تعمل في نفوسهم نظيرَ ما تعمل الهوامّ والديدان في أبدانهم، بل عملها في النفوس دائم مستمرّ حتى يردّها الله إلى أجسادها، فحينئذ ينتقل العذاب إلى نوع هو أدهى وأمرّ.
والله أعلم.