الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فابن القيم ـ رحمه الله ـ من علماء الأمة الأفذاذ، وكتابه إغاثة اللهفان من أفضل كتبه وأقيمها، ولابن القيم اختياراته في مسائل الفقه، وهذه المسائل التي غالبا ما يكون فيها خلاف بين أهل العلم، فيعمل كل واحد بما يترجح عنده، وهذه المسألة التي ذكرها وهي منع الرزوج زوجته من التبرع بالمال إلا بإذنه، من مسائل الخلاف، وسبقت لنا الإشارة لذلك في فتوانا رقم: 9116، ورجحنا فيها أن للمرأة ذمتها المالية المستقلة، وأن لها التصرف فيما تملك في حدود المباح شرعا.
وليس في كلامه ما فهمت أنه يحق للزوج أن يأخذ مال زوجته، وأن يتصرف فيه كما يشاء، أو أن يمنعها أن تأخذ من إخوتها وأهلها، وليس من حق أهل الزوج ـ بمن فيهم والداه ـ التدخل في الحياة الزوجية لابنهم وزوجته إلا بما يؤدي إلى الإصلاح واستقرار حياة الأسرة، ولا يجوز لهم أمره بطلاق زوجته لغير أمر معتبر شرعا، ففي هذا فساد وإفساد، ولا يجب على ابنهما طاعة والديه إلا أن يكون لهما مسوغ شرعي في ذلك، كما سبق وأن بينا في الفتوى رقم: 69024.
ومن القبيح أن تكشف أم الزوج أسرار الحياة الزوجية لابنها وزوجته وتعمل على تشويه صورة زوجته، فالأصهار ينبغي أن تسود بينهم المودة وحسن العشرة، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم في تعامله مع أصهاره من تزوج منهم أو من زوجهم بناته، فننصحك بالصبر وكثرة الدعاء والتضرع إلى الله تعالى أن يصلح ما بينك وبين زوجك وما بينك وبين أهله، فالله تعالى خير مسؤول وخير مجيب، وهو يحب أن يُسأل، ولذلك أمر بالدعاء ووعد بالإجابة، فقال سبحانه: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}.
وينبغي أن تجتهدي في إقناع زوجك بحل ما قد يطرأ من مشاكل في إطار الاحترام المتبادل بينكما حرصا على لم شمل الأسرة، وحذرا من ضياع الأولاد حال حدوث النزاع والفراق، وفق الله الجميع وهداهم صراطه المستقيم.
والله أعلم.