الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد :
فالسؤال يكتنفه شيء من الغموض، وإذا كان المراد أن الجمعية الخيرية تأخذ من الحاج نفسه المبلغ المذكور فهو أمر لا حرج فيه، ولا يؤثر على صحة الحج؛ إذ العقد بينها وبين الحاج عقد إجارة لنقلهم وإسكانهم ونحو ذلك، فيجوز لها أن تأخذ منه ما تراه أجرة مناسبة , ولها أن تضع ما تأخذه من الحجاج حيث شاءت في الصدقات أو غيرها , ومن لم يرض من الحجاج بذلك فيمكنه أن يحج مع غيرها.
وإن كان المراد أن متبرعا يدفع للجمعية تكلفة الحج لتعطيها لشخص غير قادر يحج بها وتشترط الجمعية على هذا المتبرع مبلغا زائدا للجمعية فوق تكلفة الحج , فإن هذه وكالة بأجرة , لأن المتبرع يوكل الجمعية في إحجاج ذلك العاجز , وتطلب الجمعية أجرة على هذه الوكالة , وهذا لا حرج فيه , جاء في الموسوعة الفقهية :
أَخْذُ الأُجْرَةِ عَلَى الْوَكَالَةِ : 154 ـ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْوَكَالَةَ قَدْ تَكُونُ بِغَيْرِ أَجْرٍ، وَقَدْ تَكُونُ بِأَجْرٍ، فَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأَمْرَانِ، حَيْثُ وَكَّل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُنَيْسًا فِي إِقَامَةِ الْحَدِّ ، وَعُرْوَةَ فِي شِرَاءِ شَاةٍ ، وَعَمْرًا وَأَبَا رَافِعٍ فِي قَبُول النِّكَاحِ لَهُ بِغَيْرِ جُعْلٍ، وَأَيْضًا كَانَ يَبْعَثُ عُمَّالَهُ لِقَبْضِ الصَّدَقَاتِ وَيَجْعَل لَهُمْ عِمَالَةً، وَلِهَذَا قَال لَهُ ابْنَا عَمِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ بَعَثْتَنَا عَلَى هَذِهِ الصَّدَقَاتِ فَنُؤَدِّي إِلَيْكَ مَا يُؤَدِّي النَّاسُ، وَنُصِيبُ مَا يُصِيبُهُ النَّاسُ يَعْنِيَانِ الْعِمَالَةَ أَيِ الأُجْرَةَ, وَإِذَا اتَّفَقَ الْمُوَكِّل وَالْوَكِيل عَلَى الأَجْرِ وَجَبَ الأَجْرُ اتِّفَاقًا . اهـــ
وإن كنت تعني غير ذلك فوضحه لنا.
والله تعالى أعلم.