الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فههنا أمران كل منهما مستقل عن الآخر، الأول منهما : هذه العلاقة التي كانت بينك وبين هذه الفتاة ، وما كان يجري بينك وبينها من محادثات ولقاءات ، فهذا كله من الذرائع التي سد الله بابها وحرمها لكونها وسيلة إلى الفتنة والفاحشة ، قال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {النور:21}، وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « كتب على ابن آدم نصيبه من الزنى مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج ويكذبه ». وقد أحسنت بتركك لها أولا ، ثم جعل الأمر توبة نصوحا. ولست بظالم لها بقطع العلاقة معها.
والثاني: كذبك عليها وإيهامك لها بأنك تريد الزواج منها ، والكذب محرم وكبيرة من كبائر الذنوب تجب التوبة منه أيضا، وادع لها بخير. وقد أحسنت باستسماحك لها ، ويكفي استسماحك لها عموما من غير تعيين أمر معين ، وما دامت قد سامحتك فاصرف النظر عن التفكير في هذا الأمر، وادفع عن نفسك هذه الخواطر والوساوس لئلا يترتب عليها ما لا تحمد عقباه. وانظر الفتوى رقم: 76471. وبالإضافة إلى ما نبهناك عليه من مدافعة الوساوس والإعراض عنها استعذ بالله عند ورودها، واحرص على ذكر الله وتلاوة القرآن والرقية الشرعية ، ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 3086.
ولا شك في أنها جنت على نفسها حين طاوعتك في أمر هذه العلاقة ، فلا تعتبر ظالما لها بما وقعت فيه من حب وعشق ، والمطاوعة من عدمها لها اعتبارها في الأحكام، ومع ذلك فكل شيء يجري بقدر الله تعالى.
وإذا كانت هذه الفتاة مقبولة في دينها في الجملة بمعنى أنها محافظة على الفرائض وخاصة الصلاة وتجتنب الكبائر ، وأمكنك الزواج منها فافعل ، فمن أدوية العشق الزواج كما هو مبين في الفتوى رقم: 9360.
والله أعلم.