الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء أثناء السجود ليس بواجب, بل هو مستحب، وتنبغي المواظبة عليه؛ فقد ثبت الأمر به، وهو من المواطن التي يظن فيها استجابة الدعاء.
قال ابن قدامة في المغني: وإن زاد دعاء مأثورًا، أو ذكرًا - مثل ما روي عن عائشة، - رضي الله عنها -، قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم وبحمدك، اللهم اغفر لي، يتأول القرآن» متفق عليه. وعن أبي سعيد « أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا معاذ، إذا وضعت وجهك ساجدًا فقل: اللهم أعني على شكرك، وحسن عبادتك» . وقال علي - رضي الله عنه -: أحب الكلام إلى الله أن يقول العبد - وهو ساجد -: رب إني ظلمت نفسي، فاغفر لي. رواهما سعيد في سننه. وعن أبي هريرة « أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده: اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وسره وعلانيته» رواه مسلم - فحسن؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قاله. وقد قال: «وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم». حديث صحيح.
وقال القاضي: لا تستحب الزيادة على: "سبحان ربي الأعلى" في الفرض، وفي التطوع روايتان؛ لأنه، لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه سوى الأمر بالتسبيح، وقد ذكرنا هذه الأخبار الصحيحة، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن تتبع، والأمر بالتسبيح لا ينفي الأمر بغيره، كما أن أمره بالتشهد في الصلاة لم ينف كون الدعاء مشروعًا، ولو ساغ كون الأمر بالشيء نافيًا لغيره، لكان الأمر بالدعاء نافيًا للتسبيح؛ لصحة الأمر به، وفعل النبي صلى الله عليه وسلم له فيه. انتهى.
وعلى هذا، فمن ترك الدعاء أثناء السجود، فلا إثم عليه, وصلاته صحيحة.
ولمزيد فائدة حول أحكام الدعاء في الركوع والسجود راجع الفتوى رقم: 144923.
والله أعلم.