الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام التواصل بين السائلة والشاب المذكور عبر الشبكة العنكبوتية ـ النت ـ فالواجب أن يكون هذا التواصل مضبوطا بضوابط التواصل الشبكي بين الجنسين، وضوابط التواصل الشبكي بين الجنسين هي:
1ـ انتفاء النظر المحرم كنظر الشاب إلى وجه المرأة أو صورتها ولو بغير شهوة، قال الغزالي: الخلوة بالأجنبية والنظر إلى وجهها حرام سواء خيفت الفتنة أو لم تخف، لأنها مظنة الفتنة على الجملة.
2ـ عدم إلانة المرأة في القول على وجه يوقع الفتنة بقلب الرجل، قال ابن العربي في قوله تعالى: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ {الأحزاب:32} أمرهن الله تعالى أن يكون قولهن جزلا، وكلامهن فصلا، ولا يكون على وجه يحدث في القلب علاقة بما يظهر عليه من اللين المطمع للسامع. انتهى.
3ـ عدم تلذذ أيٍّ من الطرفين بصوت الآخر، فإن ذلك يحرم على من فعله، قال ابن مفلح في الفروع: وليس صوت الأجنبية عورة على الأصح، ويحرم التلذذ به لو بقراءة.
4ـ أمن الفتنة، فإن خاف أحدهما على نفسه الفتنة حرم الاستماع والكلام والتواصل، ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اتقو الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء.
5ـ عدم التكلم إلا لحاجة، فمجرد التواصل لذات الوصال والسؤال عن الحال ليس من الحاجة، لأن تواصل الجنسين مظنة الفتنة، فلا يباح منه إلا قدر الحاجة.
6ـ التزام الحشمة في الخطاب والبعد عن الفحش واجتناب سائر المناهي اللفظية.
فإذا كانت هذه الضوابط مرعية، فليس ثمة ما يوجب تحريم التواصل المذكور، لكن الأورع ديانة والأولى تربية ـ رغم كون التواصل شبكيا ـ أن يقتصر كل منكما على جنسه، فتتولى المرأة إرشاد النساء، ويعتمد الشاب على ثقة من أهل الخبرة والاختصاص يتولى نصحه وإرشاده، لا سيما أنكما في عمر الشباب، فالعلاقة الخاصة ولو عبر النت غالبا ما تؤدي إلى الإخلال بشيء من الضوابط السابقة، وقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {النور:21}.
والله أعلم.