الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث صحيح، فقد رواه مسلم وغيره عن أبي سعيد، قال: لم نعد أن فتحت خيبر فوقعنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك البقلة الثوم والناس جياع، فأكلنا منها أكلا شديدا، ثم رحنا إلى المسجد، فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم الريح، فقال: من أكل من هذه الشجرة الخبيثة شيئا، فلا يقربنا في المسجد، فقال الناس: حرمت، حرمت، فبلغ ذاك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أيها الناس إنه ليس بي تحريم ما أحل الله لي، ولكنها شجرة أكره ريحها.
وإنما سماها خبيثة لرائحتها، قال النووي في شرح مسلم: سماها خبيثة لقبح رائحتها، قال أهل اللغة: الخبيث في كلام العرب المكروه من قول، أو فعل، أو مال، أو طعام، أو شراب، أو شخص، قوله صلى الله عليه وسلم: أيها الناس إنه ليس لي تحريم ما أحل الله لي، ولكنها شجرة أكره ريحها ـ فيه دليل على أن الثوم ليس بحرام، وهو إجماع من يعتد به، كما سبق.
وقد بينا في الفتوى رقم: 109499، كراهة حضور المسجد برائحة الثوم لخبثه.
ومن أهل العلم من كره الثوم ولو لم يذهب للمسجد، وراجع الفتوى رقم: 106989.
ولعل الأقرب أن النهي يختص بمن أراد الذهاب إلى المسجد، قال النووي في شرح مسلم: ثم إن هذا النهي إنما هو عن حضور المسجد لا عن أكل الثوم والبصل ونحوهما، فهذه البقول حلال بإجماع من يعتد به. انتهى.
والله أعلم.