الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأكثر أهل العلم على أن الزوج إذا علّق طلاق زوجته على شرط، فإنه لا يملك التراجع عنه.
وإذا تحقق شرطه، طلقت زوجته، سواء قصد الزوج إيقاع الطلاق، أم قصد مجرد التهديد، أم التأكيد، أم المنع، وهذا هو المفتى به عندنا، ويرى بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - أن الزوج إذا قصد إيقاع الطلاق عند حصول المعلق عليه، فله أن يتراجع عن التعليق، ولا شيء عليه.
وإذا لم يقصد إيقاع الطلاق، وإنما قصد بالتعليق التهديد، أو التأكيد، أو المنع، فلا يقع الطلاق بحصول المعلق عليه، وإنما تلزمه كفارة يمين لحنثه؛ وانظر الفتوى رقم: 161221.
فعلى المفتى به عندنا تكون هذه المرأة قد طلقت بتكليمها المرأة التي حلف زوجها ألا تكلمها، وانحلت اليمين، وكونها كلمتها بغير قصد لا يمنع وقوع الطلاق عند بعض أهل العلم.
قال ابن قدامة - رحمه الله -: فَإِنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ إنْسَانًا، فَكَلَّمَهُ بِحَيْثُ يَسْمَعُ، فَلَمْ يَسْمَعْ لِتَشَاغُلِهِ، أَوْ غَفْلَتِهِ، حَنِثَ؛ لِأَنَّهُ كَلَّمَهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَسْمَعْ لِغَفْلَتِهِ، أَوْ شُغْلِ قَلْبِهِ، وَإِنْ كَلَّمَهُ، وَلَمْ يَعْرِفْهُ؛ فَإِنْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِالطَّلَاقِ، حَنِثَ، قَالَ أَحْمَدُ، فِي رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ، أَنْ لَا يُكَلِّمَ حَمَاتَهُ، فَرَآهَا بِاللَّيْلِ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟: حَنِثَ، قَدْ كَلَّمَهَا.
وبعض أهل العلم يرى عدم الحنث في هذه الحال، وقد رجحنا هذا القول في فتاوى سابقة؛ وانظر على سبيل المثال الفتوى رقم: 139800.
وعلى أية حال، فإن كان الزوج قد نوى بيمينه منعها من تكليم المرأة قصدًا، وليس منعها مطلقًا، فلا يقع الطلاق في هذه الحال؛ لأن النية في اليمين تخصّص العام، وتعمّم الخاص؛ وانظر الفتوى رقم: 35891.
وفي هذه الحال تكون اليمين باقية لم تنحل، فإذا كلمت الزوجة المرأة على الوجه الذي نواه الزوج، وقع طلاقها.
والله أعلم.