الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالحديث المشار إليه، متفق عليه عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- والمقصود بالمعاصي التي تستوجب اللعن الوارد فيه هي قوله صلى الله عليه وسلم: من أحدث فيها -المدينة- حدثا. أي أمرًا منكرًا ليس معروفًا في السنة. أو آوى محدثا. أي صاحب الحدث الذي جاء ببدعة في الدين.
وقال ابن حجر في فتح الباري: وَالْمُرَادُ بِالْحَدَثِ، وَالْمُحْدِثِ: الظُّلْمُ، وَالظَّالِمُ عَلَى مَا قِيلَ. أَوْ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ عِيَاضٌ: وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا عَلَى أَنَّ الْحَدَثَ فِي الْمَدِينَةِ مِنَ الْكَبَائِرِ، وَالْمُرَادُ بِلَعْنَةِ الْمَلَائِكَةِ، وَالنَّاسِ الْمُبَالَغَةُ فِي الْإِبْعَادِ عَنْ رَحْمَةِ اللَّهِ. قَالَ: وَالْمُرَادُ بِاللَّعْنِ هُنَا الْعَذَابُ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ عَلَى ذَنْبِهِ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ، وَلَيْسَ هُوَ كَلَعْنِ الْكَافِرِ. انتهى.
وجاء في شرح مسلم للنووي: قَالَ الْقَاضِي: مَعْنَاهُ مَنْ أَتَى فِيهَا إِثْمًا، أَوْ آوَى مَنْ أَتَاهُ وَضَمَّهُ إِلَيْهِ، وَحَمَاهُ... وَالْمُرَادُ بِاللَّعْنِ هُنَا الْعَذَابُ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ عَلَى ذَنْبِهِ، وَالطَّرْدُ عَنِ الْجَنَّةِ أَوَّلُ الْأَمْرِ، وَلَيْسَتْ هِيَ كَلَعْنَةِ الْكُفَّارِ الَّذِينَ يُبْعَدُونَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى كُلَّ الْإِبْعَادِ. اهـ.
والله أعلم.