الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالملك الموكل بكتابة الأعمال، يشهد ويكتب قراءة القارئ في كل وقت وحين, وكل طاعة يفعلها المسلم في أي ساعة من ليل أو نهار يكتبها الملك, وقد سمى الله تعالى ذلك الملك بالشهيد، فقال: وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ [ ق : 21 ] قال القرطبي : فَالسَّائِقُ يَسُوقُهَا إِلَى الْحِسَابِ، وَالشَّهِيدُ يَشْهَدُ عَلَيْهَا، وَهُوَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِالْإِنْسَانِ. اهــ
وإن كنت تعنين بالملائكةِ الملائكةَ الشهود المعنيين بقوله تعالى: وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا {الإسراء:78} فإن هؤلاء الملائكة يشهدون قراءة الصلاة كما قال ابن كثير: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} يَعْنِي: صَلَاةَ الْفَجْرِ اهــ .
وقال البغوي: {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} أَيْ: يَشْهَدُهُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ. اهــ
والحاصل أن القراءة التي ورد أن الملائكة تشهدها هي قراءة الصلاة, وليس المراد قراءة التالي الذي يجلس ويقرأ بعد الصلاة إلى الشروق, ثم إن هؤلاء الملائكة المتعاقبين جاء في شأنهم الحديث: ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ.
قال بعض شراح الحديث: إنهم يعرجون إلى السماء بعد الصلاة, وإذا كان الأمر كذلك فإن من فاتته الصلاة في وقتها، وقضاها لا يقال عنه: إن قراءته في الصلاة تشهدها الملائكة المتعاقبون.
والله تعالى أعلم.