الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالطلاق إذا صدر من الزوج من غير اختيار، وإنما أكره عليه، فهو غير نافذ، لكن الإكراه المعتبر له شروط لا يتحقق بدونها، ومنها: أن يكون الإكراه بغير حق، أما إذا كان الإكراه بحق، فالطلاق نافذ.
جاء في تحفة المحتاج وحواشيها: أَمَّا الْإِكْرَاهُ بِحَقٍّ، كَطَلِّقْ زَوْجَتَك، وَإِلَّا قَتَلْتُك بِقَتْلِك أَبِي، فَيَقَعُ مَعَهُ.
قال العبادي في حاشيته: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِكْرَاهِ بِحَقٍّ، مَا يَعُمُّ كَوْنَ الْمُكْرَهِ بِهِ حَقًّا، لَا خُصُوصَ كَوْنِ نَفْسِ الْإِكْرَاهِ حَقًّا. اهـ.
وعليه، فإن كان زوجك يستحق عقوبة كالحبس، وكان تنفيذها موكولاً إلى الضابط، فهدده بإيقاع العقوبة، فطلق، فطلاقه نافذ.
أما إذا كان الضابط هدده بغير حق، كما لو هدده بحبس، أو ضرب شديد لا يستحقه، ولا يمكنه دفعه، فطلق، فطلاقه غير نافذ.
قال المرداوي في الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف: يُشْتَرَطُ لِلْإِكْرَاهِ شُرُوطٌ: أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الْمُكْرِهُ بِكَسْرِ الرَّاءِ قَادِرًا بِسُلْطَانٍ، أَوْ تَغَلُّبٍ، كَاللِّصِّ وَنَحْوِهِ.
الثَّانِي: أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ نُزُولُ الْوَعِيدِ بِهِ، إنْ لَمْ يُجِبْهُ إلَى مَا طَلَبَهُ، مَعَ عَجْزِهِ عَنْ دَفْعِهِ، وَهَرَبِهِ، وَاخْتِفَائِهِ.
الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ مَا يَسْتَضِرُّ بِهِ ضَرَرًا كَثِيرًا، كَالْقَتْلِ، وَالضَّرْبِ الشَّدِيدِ، وَالْحَبْسِ، وَالْقَيْدِ الطَّوِيلَيْنِ، وَأَخْذِ الْمَالِ الْكَثِيرِ.
وراجعي الفتويين: 42393،126302.
والذي ننصحك به أن تعرضي الأمر على المحكمة الشرعية، أو على من تمكنك مشافهته من أهل العلم الموثوق بهم في بلدكم.
والله أعلم.