الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرًا، وأحسن إليك، ووفقك لما يحب ويرضى، فالمسلم مطالب بتحري الحلال، والبحث عنه؛ لأن ذلك من أسباب الاستقامة، واستجابة الدعاء، ونزول البركة، قال تعالى: وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً [الجـن:16] وفي صحيح مسلم عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ)، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك.
فلا يجوز للمسلم أن يودع أمواله، أو يدخرها في البنوك الربوية، إلا عند الضرورة، وفي حساب لا تترتب عليه فوائد ربوية؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله آكل الربا، وموكله، وشاهديه، وكاتبه. وقال: هم سواء. رواه مسلم .
وعلى هذا فيلزمك سحب مالك من البنك الربوي فورًا، وما جاءك من فوائد ربوية بعد علمك بحرمتها يلزمك التخلص منه بصرفه في مصالح المسلمين، ودفعه للفقراء والمساكين، وما كسبت من الفوائد قبل معرفتك بحرمتها لا يلزمك التخلص منه في قول بعض أهل العلم؛ لقول الله سبحانه وتعالى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ* يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ [البقرة: 275، 276] وانظري الفتوى رقم: 81112 .
ويسهل معرفة ما اكتسب من الفوائد بعد العلم بحرمتها، وما اكتسب قبل ذلك بالرجوع للبنك، والنظر في كشف الحساب.
وأما إيداع المال في بنك إسلامي لاستثماره، فلا حرج فيه من حيث الجملة، كما بينا في الفتوى رقم: 23419 لكن البنوك الإسلامية تختلف في مدى التزامها بالضوابط الشرعية ومراعاتها، فيتحرى المرء أكثرها التزامًا في ذلك.
والله أعلم.