الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا أولا نشكرك على إعجابك بموقعنا ونسأل الله سبحانه أن يرزقنا وإياك الاستقامة على الحق والثبات عليه وأن يجعلنا من الوارثين للجنة هم فيها خالدون بمنه وكرمه سبحانه، إنه سميع مجيب، وأما عن المفاضلة بين الحور العين ونساء الدنيا في الجنة: فقد سُئِلَ الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: هل الأوصاف التي ذكرت للحور العين تشمل نساء الدنيا؟ فأجاب: الذي يظهر لي أن نساء الدنيا يكنَّ خيراً من الحور العين، حتى في الصفات الظاهرة. والله أعلم.
وأما الحديث الذي يدل على أنه ليس في الجنة أعزب فهو حديث صحيح رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر والتي تليها على أضوأ كوكب دري في السماء، لكل امرئ منهم زوجتان اثنتان يرى مخ سوقهما من وراء اللحم، وما في الجنة أعزب.
فلكل امرأة في الجنة زوج، وعلى هذا فلا يمكن أن تتمنى المرأة ما ذكرت من الشبان الحسان يمتدحونها بدلا من الزواج، والمرأة في الجنة تكون زوجة لمن كانت زوجة له في الدنيا مهما كان بينهما من شحناء، ما دامت في عصمته حتى الممات، وإذا ماتت بغير زواج زوجها الله من شاء، والجنة لا تقاس أمورها على الدنيا، ولا طائل من الكلام في أمر محسوم أو حتى مجرد التفكير فيه، فعلى المؤمن والمؤمنة أن يصرف همته إلى ما ينفعه من أمر دينه ودنياه ويجتهد فيما يكون سببا في دخوله الجنة بدلا من التفكير في مثل هذا، وللأهمية راجعي الفتوى رقم: 243739.
ووصف قاصرات الطرف وصف عام لنساء الجنة من الحور العين، أو من نساء الدنيا، قال الله تعالى: فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ {الرحمن:56}.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: أي غضيضات الطرف عن غير أزواجهن، فلا يرين شيئا في الجنة أحسن من أزواجهن.
والزواج من أمور الخير التي ينبغي المسارعة إليها، قال تعالى: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ {البقرة:148}.
وفيه كثير من المصالح والمقاصد الشرعية، وقد سبق ذكر بعضها في الفتوى رقم: 196003.
وقد أوضحنا فيها أيضا أن الإعراض عن الزواج بالكلية مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه قد يكون واجبا أحيانا، فراجعي للأهمية هذه الفتوى والأرقام المحال عليها فيها، هذا بالإضافة إلى أن الزواج أمر فطري وغريزي في الإنسان، فالنفور منه أمر غريب وغير عادي ينبغي البحث عن أسبابه والعمل على علاجها بكل سبيل مشروع من الدعاء والرقية الشرعية ومراجعة الثقات وذوي الخبرة من الأطباء النفسيين ونحو ذلك، فمن الناس من يكون قد عرض له نموذج سيئ لزوجين رأى منهما العنف والنشوز وسوء المعاملة مما جعله يبغض الزواج.
والله أعلم.