الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه الكلمات التي ذكرت لا يقع بها الكفر، ولا يلزم من صحة النكاح توبة الإنسان من أخطاء تكلم بها، وأحرى إن كان موسوسًا، فقد جاء في فتاوى الرملي: أنه سئل عن رجل سأل رجلًا شيئًا، فقال له: لو جئتني بالنبي صلى الله عليه وسلم ما قبلتك، أو ما فعلت كذا، هل يكفر أو لا؟ كما في مسألة السبكي، فإنه سئل عن رجل سئل في شيء، فقال: لو جاء جبريل ما فعلت كذا وكذا، فقال: لا يكفر؛ لأن هذه العبارة تدل على تعظيم جبريل عنده؟ فأجاب بأنه لا يكفر كما في مسألة السبكي؛ لأن هذه العبارة تدل على تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم عنده من وجهين، أولهما ما ذكره السبكي، وثانيهما صلاته وسلامه عليه، وأيضًا فمدلول عبارته أنه رتب عدم قبوله السائل، أو عدم فعله ذلك على مجيء النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، وهو بانتفائه المفاد بلو يكون أنسب, والمعنى أنه لا يقبله أو لا يفعل ذلك مطلقًا... وأيضًا فلو قدر مجيئه صلى الله عليه وسلم إلى المسؤول وشفاعته في قضاء حاجة السائل ولم يقبله لم يكفر، فقد شفع صلى الله عليه وسلم في قضايا، ولم تقبل شفاعته، كما في قصة بريرة أنه خيرها لما عتقت, وأنها اختارت نفسها, وأنه شفع عندها فيه فقال: زوجك, وأبو ولدك فقالت: يا رسول الله أتأمرني؟ قال: لا ولكني أشفع، قالت: لا حاجة لي فيه. اهـ.
وأما الطلاق: فإنه لا يقع من غير تلفظ به، ولا يقع بالشك، ولا سيما من الموسوس، فقد قال ابن قدامة في المغني: من شك في طلاق لم يلزمه حكمه، نص عليه أحمد، وهو مذهب الشافعي، وأصحاب الرأي. اهـ.
وقال صاحب التاج والإكليل: سمع عيسى من رجل توسوسه نفسه فيقول: قد طلقت امرأتي، وتكلم بالطلاق، وهو لا يريده أو يشككه، فقال: يضرب عن ذلك، ويقول للخبيث ـ يعني الشيطان ـ صدقت، ولا شيء عليه. اهـ.
وراجع الفتوى رقم: 102665.
ومن أفضل سبل علاج هذه الوساوس هو الإعراض عنها تمامًا، والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، ولمزيد الفائدة فيما يتعلق بعلاج الوسواس انظر الفتوى رقم: 3086.
والله أعلم.