الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمراقبة المخطوبة تنقسم بحسب الغرض منها إلى قسمين، ولكل قسم حكمه، وضوابطه الشرعية:
1/ مراقبة لمعرفة إن كانت المرأة تصلح للخاطب من حيث هيئتها، وشكلها (الرؤية الشرعية)، كما في حديث جابر بن عبد الله الأنصاري لما قال النبيّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمُ الْمَرْأَةَ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا فَلْيَفْعَلْ» قَالَ: فَخَطَبْتُ جَارِيَةً، فَكُنْتُ أَتَخَبَّأُ لَهَا حَتَّى رَأَيْتُ مِنْهَا مَا دَعَانِي إِلَى نِكَاحِهَا، وَتَزَوُّجِهَا، فَتَزَوَّجْتُهَا. فهذه مراقبة مستحبة؛ لأنها وسيلة إلى الرؤية المستحبة، والوسائل لها أحكام المقاصد، والرؤية الشرعية من النظر المستحب كما قرره السفاريني في غذاء الألباب، ومذهب الأكثر أنها مباحة فقط، إلا أن الإباحة مقيدة بالضوابط الشرعية المقررة في الفتوى رقم: 241753.
2/ مراقبة المخطوبة بقصد معرفة دينها وأخلاقها، وهذا هو محل السؤال: ويكفي منه سؤال المقربين إلى المخطوبة من أهلها ومحارمها، وصديقاتها وإخبارهم عنها؛ لصعوبة معرفة ذلك على وجهه بمجرد المراقبة المباشرة، وإفضائه في الغالب إلى الاطلاع على ما يكره المراقب أن يطلع عليه؛ ولأنه قد يضع المراقب (بكسر القاف ) موضع الريبة والتهمة، وهو أمر لا ينبغي.
قال الإمام الغزالي في الإحياء :[ينبغي على المرء] أن يتقي مواضع التهم صيانة لقلوب الناس عن سوء الظن، ولألسنتهم عن الغيبة، فإنهم إذا عصوا الله بذكره، وكان هو السبب فيه كان شريكًا، قال الله تعالى: وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ [الأنعام: 108]، وقال صلى الله عليه وسلم: (كيف ترون من يسبُّ أبويه؟! فقالوا: وهل من أحد يسب أبويه؟! فقال: نعم، يسبُّ أبوي غيره، فيسبون أبويه). اهـ.
وباختصار: فإذا ترتب على المراقبة أمر محرم كالتجسس، والريبة، أو لزم منها أمر محرم كالنظر إلى عورات النساء، كانت محرمة.
على أننا نوصي السائل ألا يسلك هذه السبيل ما لم تتعين؛ لتساهل الناس في هذه الضوابط، والسلامة في الدين لا يعدلها شيء.
والله أعلم.