الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله سبحانه أن يصلح حالك، وأن يبلغك ما تتمنينه مما يحب ويرضى، وأن يجعلك من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته، وقد سبق الكلام على الحب في الله في الفتوى رقم: 52433، ومن ضوابطه أن يزيد حبك للشخص إذا زادت طاعته لله، وأن يقل إذا خالف أمر الله، وإذا حصل تعارض بين محبوب الله جل وتعالى ومحبوب ذلك الشخص فإنك تقدمين مرضاة الله على من سواه.
وأما ما تصفينه في السؤال: فالظاهر أنه ليس حبا في الله، وإنما هو إلى العشق أقرب، فإن كان ذلك النوع من الحب قد حدث بتسبب منك، فإنك تأثمين بذلك، أما إن كان بغير تسبب منك، فإنك تعذرين في ذلك، إلا أنه تجب عليك مجاهدة نفسك لصرف تفكيرك عن هؤلاء الصديقات، وننصحك بالتقليل من التواصل معهن بقدر الإمكان، والانشغال بما يعود عليك بالخير في أمر دينك ودنياك، وأن يكون قلبك عامرا بحب الله تعالى، فإن محبة الله تعالى إذا تغلغلت في عروق العبد وأوصاله، فإنها تحرق محبة ما سواها في قلبه، وتقطع علائقه بغير مولاه، والعشق إنما يتمكن من القلوب الفارغة من حبه جل وعلا، وراجعي لمزيد الفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 8424، 114909، وإحالاتها.
وأما مقولة: من أحب شيئا غير الله عذب به ـ فالمراد بها عذاب القلب، يقول ابن القيم رحمه الله: فإن من أحب شيئا غير الله عذب به ولا بد، كما قيل:
فما في الأرض أشقى من محب * وإن وجد الهوى حلو المذاق
تراه باكيا في كل حين مخافة فرقة أو لاشتياق
فيبكي إن ناؤا شوقا إليهم * ويبكي إن دنوا خوف الفراق
فتسخن عينه عند الفراق ... وتسخن عينه عند التلاق
والعشق وإن استلذ به صاحبه فهو من أعظم عذاب القلب. اهـ.
وانظري الفتوى رقم: 72726.
ولا شك أن من شروط التوبة الصحيحة العزم على عدم العودة، إلا أن هذا لا يستلزم بالضرورة عدم الوقوع في الذنب بعد ذلك مطلقا، وقد اختلف العلماء في هل يبطل الذنب التوبة المتقدمة أم لا، والأرجح أنه لا يبطلها، وانظري الفتاوى التالية أرقامها: 206719، 161437، 97790.
والله أعلم.