الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب على مشرفي المنتديات حذف مثل هذه الأباطيل المخالفة للقطعيات الشرعية، ولا يجوز الإبقاء عليها؛ لأنهم بترك هذه الأباطيل بذلك يبوؤون بإثم من يضل بها؛ لإعانتهم على ذلك، وقد ذهب بعض العلماء إلى وجوب إتلاف الكتب المشتملة على الأمور المحرمة، جاء في المجموع للنووي: قال أصحابنا: ولا يجوز بيع كتب الكفر؛ لأنه ليس فيها منفعة مباحة، بل يجب إتلافها، وقد ذكر المصنف المسألة في أواخر كتاب السير، وهكذا كتب التنجيم، والشعبذة، والفلسفة، وغيرها من العلوم الباطلة المحرمة، فبيعها باطل؛ لأنه ليس فيها منفعة مباحة .اهـ.
ومن لم يقدر من الأعضاء على الإنكار فيتعين عليه اعتزال المنتدى؛ حذرًا من أن يشمله الوعيد الوارد في قوله سبحانه: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ {النساء:140}، وراجع في تفسيره الفتوى رقم: 208321 .
وثم أمر آخر ينبغي التنبه له كذلك، وهو أن التصدي للرد على العقائد المنحرفة منوط بأهل المعرفة والعلم بذلك، ولا يحق لمن لا علم عنده أن يتصدى لسماع الشبهات ومناقشتها؛ لأن في ذلك خطرًا على دينه، فالشبهات قد تلج قلبه، ولا يقدر على دفعها.
ومن جهة أخرى: فالذي يفتقر إلى العلم في نقاشاته لأصحاب العقائد المنحرفة قد يتسبب في إضلال الناس بضعف جوابه عن الشبه.
ومن كان هذه حاله، فالمنبغي له البعد عن المنتديات التي تنشر الباطل والشبهات مطلقًا.
وقد نص بعض العلماء على حرمة النظر في الكتب المشتملة على الباطل، لا سيما لغير الراسخين في العلم، جاء في مطالب أولي النهى: ولا يجوز نظر في كتب أهل الكتاب نصًّا؛ لأنه صلى الله عليه وسلم «غضب حين رأى مع عمر صحيفة من التوراة، وقال: أفي شك أنت يا ابن الخطاب»؟ الحديث. (ولا) النظر في (كتب أهل بدع، و) لا النظر في (كتب مشتملة على حق وباطل، ولا روايتها) لما في ذلك من ضرر إفساد العقائد، (ويتجه جواز نظر) في كتب أهل البدع: لمن كان متضلعًا من الكتاب والسنة مع شدة تثبت، وصلابة دين، وجودة فطنة، وقوة ذكاء واقتدار على استخراج الأدلة، (لرد عليهم) وكشف أسرارهم، وهتك أستارهم؛ لئلا يغتر أهل الجهالة بتمويهاتهم الفاسدة؛ فتختل عقائدهم الجامدة، وقد فعله أئمة من خيار المسلمين، وألزموا أهلها بما لم يفصحوا عنه جوابًا، وكذلك نظروا في التوراة، واستخرجوا منها ذكر نبينا من محلات، وهو متجه. اهـ.
وراجع للفائدة الفتوى رقم: 235891.
والله أعلم.