الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحرام بين، والحلال بين، وبينهما أمور مشتبهات لا يدري كثير من الناس أمن الحلال هي أم من الحرام؟ وموقف المسلم من المشتبهات الورع والاجتناب، ثم إن المسلم الذي آتاه الله حظًّا من التقوى لا يليق به أن يحابي نفسه، بل عليه أن يفتيها كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: استفت قلبك: البر ما اطمأنت إليه النفس، واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس، وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك. رواه أحمد، والدارمي، والطبراني، وحسنه النووي.
والأصل في المشاريع التي تعرض في صورة مناقصة، أو نحو ذلك أن تكون من نصيب الأفضل جودة وسعرًا، وإنما وضعت كذلك للمنافسة، ولا يتأتى ذلك إن كان المتقدم واحدًا، وقدم ملفات وهمية فحسب، سواء تم بذلك عن طريق وساطة أم بذل رشوة؛ لما يشتمل عليه من المحاذير الشرعية.
ومن ثم فلا يجوز لكم أن تسلكوا تلك الطريقة للحصول على المناقصات؛ لما يترتب عليها في الغالب من ظلم جهة المناقصة، وأكل مالها بالباطل، وكل ذلك محرم، غير أنه لو تعين ذلك وسيلة للوصول إلى الحق، فلا حرج فيه، شريطة التزام المواصفات المطلوبة، وأداء العمل بإتقان، وعرض ما يغلب على الظن أنه أفضل الأسعار وأنسبها، وانظر تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 127802.
وليعلم المستفتي أنه لا تعذره فتوى المفتي من الله إذا كان يعلم أن الأمر في الباطن بخلاف ما أفتاه؛ لحديث أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنكم تختصمون إليّ، ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض، فمن قضيت له بحق أخيه شيئًا بقوله، فإنما أقطع له قطعة من النار، فلا يأخذها. رواه البخاري.
والله أعلم.