الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمن حقّ الزوجة على زوجها أن ينفق عليها بالمعروف، وإذا امتنع من الإنفاق الواجب، فمن حق زوجته أن تأخذ من ماله قدر حاجتها بغير علمه، فإن لم تقدر على ذلك، فلها رفع أمره للقاضي ليلزمه بالإنفاق، أو الطلاق - إن أرادت الزوجة -.
قال ابن قدامة - رحمه الله -: فإن منع النفقة مع يساره، وقدرت له على مال، أخذت منه قدر كفايتها بالمعروف؛ لما روي أن هندًا جاءت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني من النفقة ما يكفيني وولدي، فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. متفق عليه. وإن منعها بعض الكفاية، فلها أخذه، للخبر، ولها أن تأخذ نفقة ولدها الصغير، للخبر، فإن وجدت من جنس الواجب لها، أخذته، وإن لم تجد، أخذت بقدره من غيره متحرية للعدل في ذلك، فإن لم تجد ما تأخذه، رفعته إلى الحاكم؛ ليأمره بالإنفاق، أو الطلاق. الكافي في فقه الإمام أحمد.
وأما إجابة الزوج إذا طلب المعاشرة، فالواجب على المرأة طاعة زوجها في الاستمتاع، ولا يجوز لها الامتناع ما لم يكن لها عذر، كمرض، أو حيض، أو صوم واجب، أو ضرر يلحقها من الجماع، وإلا تعرضت للوعيد الشديد، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فأبت أن تجيء، لعنتها الملائكة حتى تصبح. متفق عليه.
ولا تعذر المرأة في عدم إجابة زوجها للفراش بكبر سنّ زوجها، أو كبر سنّها، أو إساءته إليها ما دامت مطيقة للوطء، غير متضررة به.
وقد ذكر بعض الفقهاء أن الزوجة إذا رضيت بالبقاء مع زوجها الذي لا ينفق عليها، فمن حقها أن تمنعه حق المعاشرة.
قال ابن قدامة الحنبلي: إذا رضيت بالمقام مع ذلك - عدم الإنفاق - لم يلزمها التمكين من الاستمتاع. المغني.
وإذا كان أبوك يمنع أمّك من الصلاة، فهو على خطر عظيم، ولا طاعة له في ذلك، وأما صوم التطوع فمن حقه منعها منه لحاجته، وانظري الفتوى رقم: 133721
وإذا كان أبوك يسيء إلى أمك على الوجه المذكور، ويتهمها بفعل الحرام دون حق، فهو مسيء إساءة عظيمة، فالواجب عليكم نصحه، وأمره بالمعروف، ونهيه عن المنكر برفق وأدب، فإن نصح الوالدين ليس كغيرهما.
وعلى أية حال، فإن عليكم بر أمكم، وبر أبيكم مهما أساء؛ وانظري الفتوى رقم: 134356.
والله أعلم.