الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن هذا الحديث صحيح، فقد رواه البخاري ومسلم وغيرهما، واختلف في معنى نومه. فمن أهل العلم من رأى أن النوم المقصود ليس هو النوم الحقيقي، بل هو مجرد الاضطجاع، كما قال ابن التين فيما نقله عنه الحافظ ابن حجر في فتح الباري: قولها: إلا نائما. تعني مضطجعا على جنبه؛ لأنها قالت في حديث آخر: فإن كنت يقظانة حدثني، وإلا اضطجع. انتهى. اهـ.
ومن أهل العلم من يرى أن نومه صلى الله عليه وسلم كان نوما حقيقيا، إلا أنه لم يكن ينام في هذا الوقت في جميع الأحوال كما قال ابن بطال فيما نقله عنه العيني في عمدة القاري: النوم وقت السحر كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم في الليالي الطوال، وفي غير شهر رمضان. اهـ.
وحمل بعضهم النومة على استراحته صلى الله عليه وسلم بعد ركعتي الفجر.
فقد جاء في عمدة القاري شرح صحيح البخاري: قَالَ بَعضهم: المُرَاد نَومه بعد الْقيام الَّذِي مبدؤه عِنْد سَماع الصَّارِخ. انْتهى. وَالَّذِي يظْهر لي أَنه اضطجاعه بعد رَكْعَتي الْفجْر، وعَلى هَذَا ترْجم مُسلم فَقَالَ: بَاب الِاضْطِجَاع بعد رَكْعَتي الْفجْر. ثمَّ روى الحَدِيث الْمَذْكُور. اهـ.
وكل الاحتمالات السابقة لا تنفي كونه صلى الله عليه وسلم كان يستغفر بالسحر، ومما يؤكد ذلك أن عبد الله بن عمر -والذي كان معروفا بشدة اتباعه لرسول الله صلى الله عليه وسلم- ثبت عنه أنه كان يفعله؛ فقد أخرج الهيثمي في مجمع الزوائد: عن نافع عن ابن عمر أنه كان يحيي الليل صلاة، ثم يقول: يا نافع أسحرنا؟ فيقول: لا، فيعاود الصلاة، ثم يقول: يا نافع أسحرنا؟ فأقول: نعم، فيقعد فيستغفر، ويدعو حتى الصبح.
قال الهيثمي: رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح غير أسد بن موسى، وهو ثقة. اهـ.
والله أعلم.