الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لا نوافق على هذا، لأمرين:
الأول: خلافه لما ذكر المفسرون، فقد قال البغوي في معنى الآية: لن يستنكف المسيح ـ لن يأنف ولن يتعظم، والاستنكاف: التكبر مع الأنفة: ولا الملائكة المقربون ـ وهم حملة العرش، لا يأنفون أن يكونوا عبيدا لله.... اهـ.
الثاني: أن التثليث الذي يزعمه النصارى لا يريدون به جبريل ولا يفسرون روح القدس بجبريل، فقد قال الإمام ابن كثير ـ رحمه الله ـ في تفسير قول الله تعالى: لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة { المائدة: 73} والصحيح أنها نزلت في النصارى خاصة، قاله مجاهد، وغير واحد، ثم اختلفوا في ذلك، فقيل: المراد بذلك كفارهم في قولهم بالأقانيم الثلاثة: وهو أقنوم الأب، وأقنوم الابن، وأقنوم الكلمة المنبثقة من الأب إلى الابن ـ تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً ـ قال ابن جرير وغيره: والطوائف الثلاثة من الملكية، واليعقوبية، والنسطورية، تقول بهذه الأقانيم، وهم مختلفون فيها اختلافاً بيناً، ليس هذا موضع بسطه، وكل فرقة منهم تكفر الأخرى، والحق أن الثلاثة كافرة، وقال السدي وغيره: نزلت في جعلهم المسيح وأمه إلهين مع الله فجعلوا الله ثالث ثلاثة بهذا الاعتبار، قال السدي: وهي كقوله تعالى: في آخر السورة: وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك {المائدة: 116} وهذا القول هو الأظهر. والله أعلم.
وانظر للتوسع تفسير الطبري ـ جامع البيان في تأويل القرآن:4ـ652 ـ وتفسير القرطبي: الجامع لأحكام القرآن: 6ـ161.
والله أعلم.