الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب على الزوج إخبار خطيبته بعزمه على الجهاد بعد الزواج ، لأن الأصل في المسلم القيام بشعائر الله ، والجهاد في سبيل الله ذروة سنام الإسلام ، والجهاد ماض إلى قيام الساعة ، ومن ترك بيان ما يعزم على القيام به من شعائر الله لا يكون مخادعا ، فيكفيها فخرا أن تكون زوجة أسير أو شهيد إن لم يعد ، وإنما المخادع من أخفى على خطيبته عيوب النكاح التي أوجب الفقهاء بيانها؛ كالأمراض المعدية والمنفرة والمانعة من الوطء. ورغم قولنا بعدم وجوب بيان العزم على الجهاد، فإن الأولى بيان ذلك للاعتبارات التي ذكرها السائل، ما لم يؤد ذلك إلى مفسدة أعظم. والأصل لزوم طاعة الزوجة زوجها في السفر معه ما لم تخش الضرر، وإن رفض أهلها ، وللمزيد تنظر الفتوى رقم :27252.
ولكن خروج الشخص للجهاد لا يبيح له أن يعرض أهله للضيعة، أو أن يفرط في شيء من حقوقهم عليه: كالنفقة الكافية، والسكن الآمن، ومراعاة مدة الغيبة، فعن وهب قال: إن مولى لعبد الله بن عمرو قال له: إني أريد أن أقيم هذا الشهر هاهنا ببيت المقدس، فقال له: تركت لأهلك ما يقوتهم هذا الشهر ؟ قال: لا، قال: فارجع إلى أهلك فاترك لهم ما يقوتهم، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت. رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني. وقد أقّت عمر بن الخطاب الغيبة للمجاهدين ستة أشهر كما بيناه في الفتوى رقم : 53510. ويستثنى من ذلك إذا كان الجهاد واجبا في حقه، فإن له أن يترخص أكثر من ذلك إذا تركها في كفاية من النفقة كما بيناه في الفتوى رقم : 116366.
والله أعلم.