الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وفي الصحيحين عنه أنه لما اجتاز بديار ثمود قال: لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم، لئلا يصيبكم ما أصابهم ـ فنهى عن عبور ديارهم إلا على وجه الخوف المانع من العذاب، وهكذا السنة في مقارنة الظالمين والزناة وأهل البدع والفجور وسائر المعاصي: لا ينبغي لأحد أن يقارنهم ولا يخالطهم إلا على وجه يسلم به من عذاب الله عز وجل، وأقل ذلك أن يكون منكرا لظلمهم ماقتا لهم شانئا ما هم فيه بحسب الإمكان، كما في الحديث: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ـ وقال تعالى: وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون ـ الآية، وكذلك ما ذكره عن يوسف الصديق وعمله على خزائن الأرض لصاحب مصر لقوم كفار، وذلك أن مقارنة الفجار إنما يفعلها المؤمن في موضعين:
أحدهما: أن يكون مكرها عليها.
والثاني: أن يكون ذلك في مصلحة دينية راجحة على مفسدة المقارنة، أو أن يكون في تركها مفسدة راجحة في دينه، فيدفع أعظم المفسدتين باحتمال أدناهما، وتحصل المصلحة الراجحة باحتمال المفسدة المرجوحة. انتهى.
فإذا كنت مُنكراً عليهم مناصحاً لهم ترجو الإجابة، فلا بأس، وإلا فلا تجوز مساكنتهم إلا لضرورة، وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 30285، 65447، 117933.
وحتى تتسنى لك مفارقتهم ابتعد ما استطعت، وكن في حجرة وحدك، بحيث لا ترى ولا تسمع المنكر، وانظر الفتوى رقم: 233377.
والله أعلم.