الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته من تضمن شروط البرامج، وغيرها لما يقتضي التحاكم عند الحاجة إلى محاكم خاصة يحددها صاحب البرامج، وقد تكون من المحاكم الوضعية قد بينا في فتاوى سابقة أنه لا حرج ـ إن شاء الله تعالى ـ في التوقيع على مثل تلك العقود، ما دام المرء يبغض أي شرط أو حكم يخالف شرع الله، ولا يقره، بل ألجأته إليه الحاجة، والعقود التي تتضمن التوقيع على قبول القوانين عمومًا ونحوها مما عمت به البلوى، ليس في البلاد الغربية فحسب، بل وفي الدول الإسلامية أيضًا، وصار في كل معاملة إجارة، أو بيع، أو غيرها فيعسر التحرز منها، وفي القاعدة الشرعية أن الأمر إذا ضاق اتسع؛ لقوله تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ {البقرة:185}، وقوله: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78}، وللفائدة انظر الفتويين رقم: 131264، ورقم: 153425.
وعليه، فمن احتاج إلى التوقيع على عقد يتضمن مثل ذلك الشرط فله أن يوقع عليه مع بغضه لما يخالف الشرع، واستحضار أنه إنما يقبل من الأحكام ما وافق الشرع، وأنه لا يرضى التحاكم لغير ما أنزل الله، ولا يقره، وإنما ألجئ إلى التوقيع على مجمل العقد فحسب، ومن ثم فما راودك من الأفكار حول كفر من يوقع على مثل تلك العقود ليس في محله لما بيناه، فاحذر الوساوس لئلا تتمكن من قلبك فلا تستطيع دفعها، وانظر كيفية معالجتها في هذا الباب في الفتوى رقم: 147741.
والله أعلم.