الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حث الشرع الزوجين على أن يحسن كل منهما عشرة الآخر، كما قال تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ {البقرة:228}.
ومن جانب الأصهار أيضا ينبغي أن يسود الاحترام والإكرام، ومن السوء أن يشاهد المسلم الأفلام الإباحية، فهذا من المنكرات العظيمة، كما سبق وأن بينا في الفتوى رقم: 3605.
ولو قدر أن اطلعت منه زوجته على شيء من ذلك، وناصحته بالحسنى، فالأولى به أن يشكرها أن أرادت له الخير، لا أن يسيء إليها أو يعتدي عليها أو أن يهجرها، فليس هذا من شأن الكرماء، وإنما هو من خلق اللؤماء، ويتنافى مع حسن العشرة الذي سبقت الإشارة إليه، والهجر ليس مشروعا بإطلاق، وإنما هو في حال نشوز الزوجة، ولهذا الهجر ضوابطه التي ينبغي أن تراعى، وسبق بيانه في الفتويين رقم: 1103، ورقم: 26794.
وليس للزوج الحق في أن يمنع زوجته من صلة أهلها والاتصال بهم، ولا تجب عليها طاعته في ذلك، لأنه أمر بمعصية، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا طاعة في المعصية، إنما الطاعة في المعروف. متفق عليه.
والأولى في هذه الحالة أن تتصل بهم دون أن يعلم زوجها تجنبا لأسباب النزاع، وهنالك خلاف بين الفقهاء، هل يجوز له منعها من زيارة أهلها، والأفضل أن تجتنب زيارتهم حتى يصلح الله الأحوال ويزول الإشكال، وعلى الزوجة أن تصبر وتكثر من الدعاء حتى ييسر الله الأمر، وإذا استمر الحال على ما هو عليه وكانت متضررة من زوجها فلها الحق في طلب الطلاق، ولكن لا تصير إليه حتى يتبين أنه الأصلح لها، وهذا من جانب الزوجين، وأما من جانب الزوج وأصهاره فينبغي أن تسود بينهم المودة والوفاق لا التباغض والشقاق، فننصح بإصلاح ذات البين وبذل كل سبيل مشروع لتحقيقها، قال الله تعالى: لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا {النساء:114}.
وروى أحمد والترمذي عن أبي الدرداء ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة؟ قالوا: بلى، قال: إصلاح ذات البين، وفساد ذات البين هي الحالقة.
والله أعلم.