الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العفو عن الظالم وترك مؤاخذته له فضائل كثيرة، قد بينا بعضها في الفتوى رقم: 27841.
لكن محل الندب إلى العفو هو إذا كان فيه إصلاح، أما إن كان العفو يؤدي إلى مفسدة، فالأفضل الأخذ بالحق وعدم العفو، قال الشيخ ابن عثيمين: والعافين عن الناس ـ يعني: الذين إذا أساء الناس إليهم عفوا عنهم، فإن من عفا وأصلح فأجره على الله، وقد أطلق الله العفو هنا، ولكنه بين قوله تعالى: فمن عفا وأصلح فأجره على الله ـ أن العفو لا يكون خيرا إلا إذا كان فيه إصلاح، فإذا أساء إليك شخص معروف بالإساءة والتمرد والطغيان على عباد الله، فالأفضل ألا تعفو عنه وأن تأخذ بحقك، لأنك إذا عفوت ازداد شره، أما إذا كان الإنسان الذي أخطأ عليك قليل الخطأ قليل العدوان، لكن أمر حصل على سبيل الندرة، فهنا الأفضل أن تعفو. اهـ.
وانظر الفتوى رقم: 112756.
فإذا كان العفو عن هذا الشخص سيمده في طغيانه وظلمه، فالأولى هو الأخذ بالحق قدر المستطاع وعدم العفو عنه والصدقة على الفقراء والمساكين أولى من الصدقة على الظالم والتنازل له عن الحق.
وأما العمل مع الظالم: فإن كان مشاركة له في ظلمه أو إعانة له عليه، فلا ريب في تحريم العمل معه حينئذ، وأما العمل معه في أمر مباح، فلا حرج فيه، فلم يزل المسلمون من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليوم يعاملون المشركين بالبيع والشراء وغيرها من التعاملات المباحة مع أنهم لا يتورعون عن الظلم، وغيره من المحرمات، وانظر في حد الضرورة التي تبيح العمل المحرم الفتوى رقم: 237145.
والله أعلم.