الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في ذكر الله جل وعلا في مثل هذه المواطن؛ لما في ذلك من إراضة اللسان على ذكر الله عز وجل، فضلًا عن ورود السنة بذلك، فقد ترجم وبوب البخاري في صحيحه: باب التكبير والتسبيح عند التعجب ـ وذكر تحته ثلاثة أحاديث: حديث صفية بنت حيي زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أنها جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوره، وهو معتكف في المسجد، في العشر الغوابر من رمضان، فتحدثت عنده ساعة من العشاء، ثم قامت تنقلب، فقام معها النبي صلى الله عليه وسلم يقلبها، حتى إذا بلغت باب المسجد الذي عند مسكن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، مر بهما رجلان من الأنصار، فسلما على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نفذا، فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: على رسلكما، إنما هي صفية بنت حيي، قالا: سبحان الله، يا رسول الله، وكبر عليهما ما قال: إن الشيطان يجري من ابن آدم مبلغ الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما.
وحديث: أم سلمة ـرضي الله عنهاـ أنها قالت: استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: سبحان الله، ماذا أنزل من الخزائن؟ وماذا أنزل من الفتن؟ من يوقظ صواحب الحجر ـ يريد به أزواجه حتى يصلين ـ رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة.
وحديث ابن عباس، عن عمر، أنه قال: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: طلقت نساءك؟ قال: لا، قلت: الله أكبر.
جاء في فتح الباري لابن حجر: قال ابن بطال: التسبيح، والتكبير معناه تعظيم الله، وتنزيهه من السوء، واستعمال ذلك عند التعجب واستعظام الأمر حسن، وفيه تمرين اللسان على ذكر الله تعالى، وهذا توجيه جيد، كأن البخاري رمز إلى الرد على من منع من ذلك. اهـ.
وفي فيض الباري لمحمد أنور الكشميري: فأباح المصنِّفُ إخراجَ الأذكار عن معناها، واستعمالها في غيره، وهو ثابتٌ في السَّلَفِ ثبوتًا لا مردَّ له، وحينئذٍ ينبغي أن يؤوَّلَ ما في الدر المختار: أن الطلبةَ إن اصطلحوا على أن يُكَبِّرُوا، أو يسبِّحُوا عند ختم الدرس، فهو مكروهٌ؛ لأنَّه إخراجُ الذكر عن مدلوله، نعم إن كان إخراجُه إلى محل ممتهنٍ، فله وجهٌ، كما ذكره الحنفيةُ: إن السائلَ إن ذكر اسمَ الله على الباب، لا يقولُ السامعُ: جلَّ جلاله، أو كلمةً تدلُّ على عظمته تعالى، وإن كان ذكرًا في عامة الأحوال؛ وذلك لأنَّه قال باسمه في موضعٍ لم يكن له ذلك. اهـ.
والله أعلم.