الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالضابط أن يكون الإمام في الوسط، فإن استوى اليمين واليسار، أتم المصلي اليمين، فإن جاء آخر فاليسار... وهكذا، قال البدر العيني في شرح أبي داود: قوله: وَسِّطُوا الإمام ـ مِنْ وَسطتُ القومَ بالتَشديد، بمعنى: توَسّطتُهم إذا كنتَ في وسَطهم ويُقالُ: وَسَطْتُ القوم أيضاً بالتخفيف، أسِطُهم وسطا وسِطَةً، وفي بعض النسخ: توسطوا ـ من توسطتُ، والمقصود من ذلك: أن تكون الجماعة فرقتين، فرقة عن يمين الإمام، وفرقة عن يساره، ويكون الإمامُ وسْطهم، وليس المعنى أن يقوم مساويا معهم في وسطهم، لأن وظيفة الإمام التقدم على القوم.
وقال العثيمين ـ رحمه الله ـ في تعليقه على الكافي: السنة أن يقوم الإمام وسط الصف، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: وسطوا الإمام وسدوا الخلل ـ هذا الحديث في صحته نظر، لكن هو مقتضى القاعدة الشرعية، لأن القاعدة الشرعية تقتضي العدل، وليس من العدل أن يقوم الإمام في أيسر الصف بحيث يكون الناس كلهم على اليمين، لأنه إجحاف فالوسط يكون هو الوسط، ومن ذلك لو أن الإمام وقف في وسط الصف أول ما أقيمت الصلاة ثم دخل أناس آخرون، فكثير من الناس يذهب إلى الأيمن ولو بعد ويدع الأيسر، وهذا فيه نظر، والصواب أن الأيمن أفضل من الأيسر عند التساوي أو التقارب، ويدل لهذا أنه لما كان المشروع في حق الثلاثة أن يكون الإمام بينهم كان متوسطاً ولو كان الأيمن أفضل مطلقاً لكان هو الأيسر من الثلاثة، فلما توسط بينهما دل على مراعاة التساوي من الجانبين، فإذا تساويا أو تقاربا فلا شك أن اليمين أفضل. انتهى.
وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 149415.
والله أعلم.