الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد بينا بالفتوى رقم: 181809، وتوابعها جواز المجاملة بالتعريض؛ فإذا أمكنك التعريض؛ فهو أولى، وإلا فمثل هذا الكذب، بهذه النية الحسنة -أي إسعادها - يجوز إن شاء الله، لا سيما أنه ليس فيه مضرة لأحد، فَقَدِ ذهب ابن عُيَيْنَةَ إلى إِبَاحَةِ الْكَذِبِ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ مَضَرَّةٌ عَلَى أَحَدٍ إِذَا قَصَدَ بِهِ الْخَيْرَ وَنَوَاهُ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى حَاكِيًا عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا. الْأَنْبِيَاءِ 63 . وَبِفِعْلِ يُوسُفَ إِذْ جَعَلَ الصَّاعَ فِي رَحْلِ أخيه، ثم نادى مناديه: أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ {يوسف:70}.انتهى.
فعلى ما ذهب إليه ابن عيينة يجوز أن تكذب عليها، لإسعادها -ولو لم تحزن بعدم ذلك-؛ لأنه ليس فيه مضرة.
وقد أورد ابن عبد البر بحثاً مفصلاً في التمهيد وفيه: عن نُعَيْم بْنُ حَمَّادٍ قَالَ: قُلْتُ لِسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَعْتَذِرُ إِلَيَّ مِنَ الشَّيْءِ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدْ فَعَلَهُ، وَيُحَرِّفُ فِيهِ الْقَوْلَ لِيُرْضِيَهُ أَعَلَيْهِ فِيهِ حَرَجٌ؟ قَالَ: لَا، أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَهُ: لَيْسَ بِكَاذِبٍ مَنْ قَالَ خَيْرًا، أَوْ أَصْلَحَ بَيْنَ النَّاسِ. انتهى.
وقد اختار مذهب ابن عيينة، ابنُ الجوزي، وابن القيم؛ وراجع الفتوى رقم: 75174.
والله أعلم.