الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبهك أولًا على أن نصوص الشارع في مجملها تدل على التحذير والتنفير من التساهل في أخذ الدَّين، ما لم تدع إلى ذلك حاجة معتبرة، قال في تحفة الأحوذي عند شرح ما رواه الترمذي، وغيره من: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي برجل ليصلي عليه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صلوا على صاحبكم، فإن عليه دينًا، قال أبو قتادة: هو عليَّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بالوفاء؟ قال: بالوفاء، فصلى عليه ـ وهو حديث صحيح ـ قال القاضي ابن العربي في العارضة: وامتناعه من الصلاة لمن ترك عليه دينًا؛ تحذيرًا عن التقحم في الديون؛ لئلا تضيع أموال الناس، كما ترك الصلاة على العصاة زجرًا عنها حتى يجتنب خوفًا من العار، ومن حرمان صلاة الإمام، وخيار المسلمين. انتهى.
وهنالك نصوص كثيرة في هذا المعنى، مما يدعو المسلم الكيس إلى الحذر من الدَّين وتركه، ما لم تلجئه إليه حاجة لا يجد لها قضاء دونه، فإن احتاج إليه، فليطلب قدر حاجته فقط، وليسلك السبل المشروعة للحصول عليها من قرض حسن، أو الدخول في معاملة مباحة، ومن تلك المعاملات التي تعتبر بديلًا شرعيًا عن الربا: التورق، ولعل هذا هو ما تقصد الدخول فيه مع البنك؛ لأن البنوك الإسلامية لا تعطي قروضا حسنة، وإنما تجري معاملات تمويلية تستطيع الربح من خلالها، كالتورق مثلًا، فلا يقصد منه صاحبه الانتفاع بالسلعة، ولكن يقصد من ورائه المال، والراجح فيه جوازه لعدم ورود النص بالمنع منه، جاء في الروض المربع ما نصه: ومن احتاج إلى نقد فاشترى ما يساوي مائة بأكثر ليتوسع بثمنه، فلا بأس وتسمى مسألة التورق، وذكره في الإنصاف وقال: وهو المذهب، وعليه الأصحاب.
وقد بينا الضوابط الشرعية لجواز تلك المعاملة في الفتاوى التالية أرقامها: 172553، 193711، 181833.
ولمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 45858.
وعليه، فإذا كان البنك الذي تريد معاملته يلتزم بالضوابط الشرعية وفق ما بيناه في الفتاوى المحال عليها، فلا حرج عليك في ذلك.
والله أعلم.