الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن التوبة من هذا الذنب واجبة، ولا يلزمك الذهاب لمن يقيم الحد عليك، وإنما ينبغي لك ستر نفسك، والندم على ما فات، وصدق العزم على أن لا تعود إليه، وأكثر من الاستغفار، والأعمال الصالحة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً، ثم يصبح وقد ستره الله، فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه. رواه البخاري.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:... أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَنْتَهُوا عَنْ حُدُودِ اللَّهِ، مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِ لَنَا صَفْحَتَهُ، نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ. رواه مالك في الموطأ.
وقال الله سبحانه وتعالى في الحض على التوبة والإكثار من الطاعة: إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ (هود: 114)، وقال تعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى (طـه:82).
قال الله تعالى: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ {الأنعام: 54}.
وقال في صفات عباد الرحمن: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الفرقان: 68-70}.
وأخرج الترمذي وغيره، وصححه الألباني عن أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تعالى: يابن آدم إنك ما دعوتني، ورجوتني، غفرت لك على ما كان فيك، ولا أبالي. يا بن آدم، لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني، غفرت لك، ولا أبالي.
واعلم أن قلقك من هذا الذنب، واستعظامك له، يدل على إيمانك؛ فقد أخرج البخاري في الصحيح عن عبد الله بن مسعود، قال: إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه، فقال به هكذا. اهـ.
ولكنه يجب الحذر من القنوط، واليأس من رحمة الله، ومن سوء الظن بالله تعالى، فكل هذه الأشياء محرمة، فحَسن الظن بالله، وثق بأنه يقبل توبة التائب الصادق في توبته، ويمحو عنه ما اقترف، وأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له؛ كما في الحديث.
واستر نفسك، ولا تخبر أحدا بما حصل، واعزم أن لا تعود لمثل هذا، وأن لا تتعامل مع النساء في شأن المساج، ولا الخلوة بهن، واحمد الله أن وفقك للزواج، فاستعف بزوجتك عن الحرام.
والله أعلم.