الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال ناقص ، ونقول في تعليقا على القدر الذي ورد إلينا منك ، إن كان الواقع ما ذكرت فإن زوجك قد أساء من عدة أوجه ، منها:
الوجه الأول : أنه هجرك وتركك معلقة لا بأيم ولا بذات زوج ، وهذا أمر منكر وظلم مبين ، فالزوج إن لم يعاشر زوجته بالمعروف فليفارقها بإحسان. وهجر الزوجة يجوز في حالات معينة وله ضوابطه ، وانظر الفتوى رقم: 97626.
الوجه الثاني : تقصيره في النفقة ، فالزوج مطالب شرعا بالإنفاق على زوجته بقدر كفايتها، كما سبق وأن بينا في الفتوى رقم: 160045، ومن الغريب أن يقصر الزوج عن الكفاية على زعم أنه يريد أن يجمع المال .
فوصيتنا لك مناصحته بالمعروف وتذكيره بالله تعالى. فإن أراد أن يبقيك في عصمته فعليه أن يعدل بينك وبين زوجته الأخرى، وإلا فليطلقك. ولك الحق في طلب الطلاق للضرر ، وراجعي الفتوى رقم: 37112. فإن لم يستجب لك فارفعي الأمر إلى المحكمة الشرعية.
وننبه في الختام إلى أمرين :
الأمر الأول : في الزواج كثير من الأغراض الصحيحة التي يمكن تحقيقها فليس على الحب وحده تبنى البيوت، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله. هذا بالإضافة إلى أن الزوج قد يبغض في زوجته بعض الخصال، ويكون فيها كثير من الخصال الحميدة التي تربو على تلك الخصال؛ روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لاَ يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِي مِنْهَا آخَرَ .
قال النووي - رحمه الله -: أَيْ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يُبْغِضَهَا؛ لِأَنَّهُ إِنْ وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا يُكْرَهُ، وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا مَرْضِيًّا, بِأَنْ تَكُونَ شَرِسَةَ الْخُلُقِ، لَكِنَّهَا دَيِّنَةٌ، أَوْ جَمِيلَةٌ، أَوْ عَفِيفَةٌ، أَوْ رَفِيقَةٌ بِهِ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. اهـ.
الأمر الثاني : أن للزوجة الرجوع على زوجها بما أنفقت على نفسها، وكذلك الرجوع عليه بما أنفقت على أولادها بنية الرجوع بها عليه. وتراجع الفتوى رقم: 34771.
والله أعلم.