الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله العظيم، رب العرش الكريم، أن يفرج همّك، وينفس كربك، ويصلح بالك، وبعد، فقول الرجل لامرأته :(لو ذهبت مرة أخرى هناك، وأخوك موجود تكونين خالصة) من كنايات الطلاق المعلق، وكنايات الطلاق هي الألفاظ التي تدل على الفرقة من غير مادة (الطلاق)، وهي لا تكون طلاقا إلا بالنية، كما أوضحناه في الفتوى رقم:121507.
وحيث إن الزوج قصد الطلاق بدليل أنه فسر (خالصة) بـ (طالق)، فهذا طلاق معلق على شرط، فإذا تحقق الشرط، وقع الطلاق باتفاق الفقهاء، وقد نقل ابن حزم الإجماع على ذلك. وراجع فتوانا رقم: 125064.
وعليه، فإذا كانت زوجتك ذهبت فعلا إلى بيت أهلها، بعد ما حلفت أن لا تذهب وأخوها هناك، فقد تحقق الشرط، ووقع الطلاق، وكون أخيها لا مأوى له إلا بيت العائلة، لا يمنع من وقوع الطلاق إذا تحقق ما علق عليه.
لكن إذا كانت هذه الطلقة هي الأولى أو الثانية، فإنه يمكنك ارتجاع زوجتك ما لم تضع حملها؛ لأن الحامل تنقضي عدتها بوضع حملها، وكنا قد بينا ما تحصل به الرجعة عند أهل كل مذهب فراجع فتوانا رقم: 30719، بعنوان: أقوال العلماء في كيفية حصول الرجعة. وتنظر أيضا عدة الحامل في الفتوى رقم:8094.
فإن وضعت حملها قبل الرجعة، فقد بانت منك بينونة صغرى، فلا تحل لك إلا بعقد ومهر جديدين.
وأما إن كانت هذه هي الطلقة الثالثة، فإنها لا تحل لك حتى تنكح زوجا غيرك - نكاح رغبة لا نكاح تحليل -.
وبعد وقوع الطلاق تنحل اليمين، وبالتالي فلا يتكرر الطلاق بتكرر ما علق عليه؛ لأن يمين الطلاق الذي صدرت من الزوج لا تفيد التكرار، وعليه، فلا حرج بعد ذلك في شهود الزوجة عرس أخيها في بيت العائلة.
وأما غضب الزوج، فلا أثر له في عدم وقوع الطلاق ما دام مدركا لما يقول، مختارا لما يتلفظ به، ولم يغلب على عقله بسبب الغضب، كما بيناه في الفتوى رقم: 35727.
ونوصي الزوج بأن يتحلى بالصبر الجميل، وعدم المسارعة إلى اتخاذ قرارات مصيرية في حالة الغضب؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوْصِنِي، قَالَ: «لاَ تَغْضَبْ» فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ: «لاَ تَغْضَبْ» رواه البخاري.
والله أعلم.