الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يُسلمِك من الفتن، وانظر للأهمية الفتويين: 19842، 248521، وتوابعها.
وقد بينا بالفتوى رقم: 119395 أن سلس البول هو استمرار نزوله نزولاً يستغرق جميع الوقت، بحيث لا يجد صاحبه وقتاً يمكنه أن يتطهر ويصلي فيه. فإذا كان من يخرج منه البول لا يجد وقتاً يتسع لفعل الطهارة والصلاة في وقتها، فالواجب عليه أن يتحفظ بوضع شيء على المكان يمنع من انتشار النجاسة في الثياب، ويتوضأ لكل صلاة بعد دخول الوقت، وأما إذا كان يجد وقتاً يتسع لفعل الطهارة والصلاة، فالواجب عليه أن يتطهر ويصلي في الوقت الذي لا يخرج فيه منه شيء، ونفس الحكم في سلس المذي؛ وراجع الفتوى رقم: 203905.
فطالما أنك تجد وقتاً يسع الطهارة، والصلاة؛ فلا يجزيك أن تتوضأ لكل صلاة، وإلا جاز لك.
وإن اشتد عليك الأمر، وكان الحدث يلازمك نصف الوقت فأكثر، فلك العمل بمذهب مالك من عدم انتقاض الوضوء بذلك.
جاء في حاشية الدسوقي على شرح مختصر خليل المالكي بعد أن فصل حكم السلس: والحاصل في ذلك أنه إن لازم كل الزمن، أو جله، أو نصفه فلا ينقض. وإن لازم أقل الزمن، نقض، مع العفو عما أصاب منه، وإنما عفي عما أصاب من الحدث اللازم مطلقاً، وفصل في نقضه الوضوء؛ لأن ما هنا من باب الأخباث، وذلك من باب الأحداث، والأخباث أسهل من الأحداث. انتهى.
ويستحب عند المالكية لصاحب السلس أن يتوضأ لكل صلاة، ولا يجب، وهو اختيار ابن تيمية -رحمه الله-، والجمهور يوجبون على صاحب السلس ذلك؛ وانظر الفتوى رقم: 75637.
فإن كنت صليت بلا وضوء صحيح في الفترة السابقة، لزمك القضاء عند جمهور العلماء، ولتوضيح كيفية قضاء الفوائت يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 31107، وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله تعالى- إلى أن من ترك شرطا من شروط الصلاة جاهلاً بحكمه، لا تجب عليه إعادة ما مضى، لكن يجب الإتيان به في صلاة الوقت، والالتزام به في المستقبل، واستدل على ذلك بأدلة كثيرة؛ وانظر الفتوى رقم: 98617.
وأما التفتيش عن المذي؛ فلا يجب إلا مع تيقن خروجه؛ كما بينا بالفتويين: 225079، 171653.
والله أعلم.