الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فالرائحة المجردة لا تفسد الصيام، والبخور إنما يفسد به صيام من استنشق دخانه؛ لأن له جِرماً يصل إلى المعدة وهو الدخان، وليس لمجرد الرائحة، فقولك لصاحبك: إن رائحة البخور تفطر بهذا الإطلاق، خطأ، وفتوى بغير علم. وإنما تفطر إذا استنشق دخانها حتى وصل إلى الحلق، وقد بينا هذا الحكم في فتاوى سابقة، فراجع الفتوى رقم: 140760 بعنوان: حكم شم الصائم للعطور والبخور.
وليس لك أخي السائل أن تقيس وتفتي ما دمت لست من أهل العلم، وربما قست أمرا على آخر مع وجود فرق يمنع القياس، والقياس له أركان وضوابط تخفى على من ليس من أهل العلم.
والاجتهاد لا يكون من العامي، وإبداء الرأي في المسألة، وأنها تجوز أو لا تجوز، هو في حقيقته إفتاء؛ لأن الإفتاء هو الإخبار عن الحكم الشرعي في رأي المفتي. فإذا قلت أرى أن الأمر يجوز أو لا يجوز فقد أفتيت، وحتى عند نقلك لفتاوى أهل العلم فإن عليك أن تنقلها بنصها من غير قياس، أو استنباط؛ وانظر الفتوى رقم: 124093 بعنوان: لا حرج على العامي في نقل الفتوى بنصها دون استنباط منها، أو قياس عليها.
وقياس الأمور من العامي بنية الاجتهاد، أو الإفتاء ولو مع القول للناس أنا أظن أن المسألة كذا... هو خطأ كبير، ويؤدي بالمرء إلى القول على الله بلا علم, والقول على الله بلا علم من أعظم الموبقات، كما قال تعالى: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ {الأعراف:33}.
وقال الحجاوي في نظم الكبائر:
وقول بلا علم على الله ربنا * وسب لأصحاب النبي محمد.
فننصحك أخيرا بتقوى الله تعالى، والكف عن الإفتاء، وإبداء الرأي في المسائل الشرعية، والاجتهاد ما دمت لست من أهل العلم.
والله أعلم.