الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المثال الذي مثلتَ به فيه إخبار من الصحابي أن بعض صفة النبي صلى الله عليه وسلم التي في القرآن موجودة في التوراة، فهذا من باب الإخبار، والصحابة عدول، فنجزم بقبول ما أخبروا به، قال ابن الصلاح في مقدمته: ثم إن الأمة مجمعة على تعديل جميع الصحابة، ومن لابس الفتنة منهم فكذلك، بإجماع العلماء الذين يعتد بهم في الإجماع، إحسانًا للظنِّ بهم، ونظرًا إلى ما تمهد لهم من المآثر، وكأن الله سبحانه وتعالى أتاح الإجماع على ذلك لكونهم نقلة الشريعة. انتهى.
فقول الصحابي ـ وهو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ـ نجزم بتصديقه، لأنه عدل، قال ابن القيم رحمه الله: قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا {الحجرات: 6} وفي قراءة: فتثبتوا ـ فهذه الآية دليل على الجزم بقبول خبر الواحد العدل، وأنه لا يحتاج إلى التثبت. انتهى.
ومن رد خبر الصحابي مكذبا له بدون بينة فقد طعن في عدالة الصحابة التي أجمع عليها أهل السنة والجماعة، قال ابن عبد البر ـ رحمه الله كما في الاستيعاب: قد كفينا البحث عن أحوالهم لإجماع أهل الحق من المسلمين وهم أهل السنة والجماعة على أنهم كلهم عدول. انتهى.
وأما من رد قول الصحابي لاعتقاده عدم حجية قوله، فهذه مسألة مشهورة، قد تكلمنا عليها في الفتوى رقم: 121996، فراجعها وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.