الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن النقل عن العلماء، والاقتباس من كلامهم ومؤلفاتهم دون عزو، لا حرج فيه من حيث الأصل، فلم يزل السالفون من العلماء ينقلون عن بعضهم دون عزو.
قال الشوكاني - في دفاعه عن اتهام السخاوي للسيوطي بسرقة مصنفات غيره -: قَوْله: إنه مسخ كَذَا، وَأخذ كَذَا، لَيْسَ بِعَيْب، فإن هَذَا ما زال دأب المصنفين يأتي الآخر فَيَأْخُذ من كتب من قبله، فيختصر، أَو يُوضح، أوْ يعْتَرض أَو نَحْو ذَلِك من الْأَغْرَاض الَّتِي هي الباعثة على التصنيف. وَمن ذَاك الذي يعمد إلى فن قد صنف فِيهِ من قبله، فَلَا يَأْخُذ من كَلَامه. اهـ. من البدر الطالع.
لكن الأولى هو عزو الكلام إلى قائله إن أمكن.
قال القرطبي في تفسيره: وشرطي في هذا الكتاب: إضافة الأقوال إلى قائليها، والأحاديث إلى مصنفيها، فإنه يقال: من بركة العلم أن يضاف القول إلى قائله. اهـ.
لكن لا يجوز للناقل أو المقتبس أن يوهم أن هذا المنقول من إنشائه هو، فهذا من التشبع بما لم يعط. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من غش فليس منا. رواه مسلم وغيره. وقال صلى الله عليه وسلم: المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور. متفق عليه.
وقد جرى العرف الأكاديمي في العصر الحاضر على اشتراط عزو الكلام إلى قائله، ويعدون عدم العزو إخلالا بالأمانة العلمية. لكن هذا لا يوجب تأثيم من نقل، أو اقتبس كلاما دون عزو ما دام لم يوهم أنه منشئ هذا المنقول.
وانظري للفائدة الفتوى رقم: 162141 .
والله أعلم.