الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أنّ ما تجدينه من الخوف من عدم القبول، ومن الاجتهاد في الطاعات، كل ذلك من علامات قبول التوبة وصحتها.
قال ابن القيم -رحمه الله-: فَالتَّوْبَةُ الْمَقْبُولَةُ الصَّحِيحَةُ لَهَا عَلَامَاتٌ.
مِنْهَا: أَنْ يَكُونَ بَعْدَ التَّوْبَةِ خَيْرًا مِمَّا كَانَ قَبْلَهَا.
وَمِنْهَا: أَنَّهُ لَا يَزَالُ الْخَوْفُ مُصَاحِبًا لَهُ، لَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ، فَخَوْفُهُ مُسْتَمِرٌّ إِلَى أَنْ يَسْمَعَ قَوْلَ الرُّسُلِ لِقَبْضِ رُوحِهِ: {أَنْ لَا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [فصلت: 30] فَهُنَاكَ يَزُولُ الْخَوْفُ.
وَمِنْهَا: انْخِلَاعُ قَلْبِهِ، وَتَقَطُّعُهُ نَدَمًا وَخَوْفًا، وَهَذَا عَلَى قَدْرِ عِظَمِ الْجِنَايَةِ وَصِغَرِهَا. مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين.
لكن عليك الحذر من الخواطر الشيطانية التي تأتيك لتذكرك بهذا الرجل، وتزين لك الذنب مرة أخرى، فإن من صدق التوبة عدم التفات القلب إلى الذنب.
قال ابن القيم -رحمه الله-: وَمِنَ اتِّهَامِ التَّوْبَةِ أَيْضًا: ضَعْفُ الْعَزِيمَةِ، وَالْتِفَاتُ الْقَلْبِ إِلَى الذَّنْبِ الْفَيْنَةَ بَعْدَ الْفَيْنَةِ، وَتَذَكُّرُ حَلَاوَةِ مُوَاقَعَتِهِ، فَرُبَّمَا تَنَفَّسَ، وَرُبَّمَا هَاجَ هَائِجُهُ. اهـ.
ومما يعينك على التغلب على تلك الخواطر، والثبات على التوبة، أن تستعيني بالله، وتعتصمي به، وتلحّي في دعائه، وتكثري من ذكره، وتشغلي فراغك بالأمور النافعة.
وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 61744.
والله أعلم.