الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الإجابة على حكم الكفاءة في الفتوى: 2346، ونضيف هنا أن الكفاءة في الزواج معتبرة في جانب الزوج دون الزوجة، فلا بد أن يكون الزوج كفؤاً للمرأة ومماثلاً لها، ولا يشترط العكس.
والدليل: أن النبي صلى الله عليه وسلم لا مكافئ له في منزلته، وقد تزوج من أحياء العرب، ومن صفية بنت حيي، وكانت يهودية فأسلمت.
ولأن المرأة ذات المنزلة الرفيعة هي التي يلحقها العار هي وأولياؤها عندما تتزوج من غير الكفء، أما الزوج الشريف، فليس كذلك عندما يتزوج من هي دونه منزلة، لكنَّ الشريعة أمرت الأزواج أن يختاروا ذوات الدين كما في القرآن عند قوله تعالى: وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ [البقرة:221].
والدليل على طلب اختيار المرأة الصالحة هو حديث البخاري وفيه: فاظفر بذات الدين تربت يداك.
والإسلام لا يعيب على الرجل أخذ زوجة دونه نسباً ما دامت صالحة تناسب رعاية البيت المسلم، وتصلح لتربية الأبناء الذين هم ثمرة الزواج، وربحه، وسند آبائهما في المستقبل، وأمل المجتمع المسلم وقوته، وسياجه الواقي، فليتق الأزواج ربهم قبل أن يسألهم عن الأمانات التي حملهم إياها، ولا يكونوا تبعاً لكل ناعق.
أما عن طاعة السائل لأمه في اختيار الزوجة، فلا شك أن ذلك هو الأولى وهو واجب ما دام لم يعرضه ذلك لمعصية الله مع المرأة التي يتركها طاعة لأمه؛ لأن طاعة الله أولى.
قال ناظم النوازل العلوية في الفقه المالكي:
لابن هلال طوع والد وجب إن منع ابنه نكاح من خطب
ما لم يخف عصيانه للمولَى بها فطاعة الإله أولى
والله أعلم.