الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمنزلة السابقين المقربين هي لكل من اتصف بوصفهم، فلا تتركي الدعاء أن يجعلك الله منهم، فإنه يحسن بالمسلم أن يكون عالي الهمة في الدعاء، والأخذ بأسباب الرقي، وعلو المقام، ويؤمل من الله تعالى علو الدرجات في الدين، والدنيا والآخرة؛ فيشرع له أن يسأل الله تعالى مقام السابقين في الفردوس الأعلى، كما علمنا النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: إذا سألتم الله الجنة، فاسألوه الفردوس، فإنه أعلى الجنة، ومنه تفجر أنهار الجنة، وفوقه عرش الرحمن. رواه البخاري ومسلم.
قال ابن عطية: "و: السَّابِقُونَ معناه: قد سبقت لهم السعادة، وكانت أعمالهم في الدنيا سبقا إلى أعمال البر، وإلى ترك المعاصي، فهذا عموم في جميع الناس. وخصص المفسرون في هذا أشياء، فقال عثمان بن أبي سودة: هم السَّابِقُونَ إلى المساجد. وقال ابن سيرين: هم الذين صلوا القبلتين. وقال كعب: هم أهل القرآن، وقيل غير هذا مما هو جزء من الأعمال الصالحة، وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن السابقين، فقال: «هم الذين إذا أعطوا الحق قبلوه، وإذا سئلوا بذلوه، وحكموا للناس بحكمهم لأنفسهم» " انتهى .
وهذا الحديث ذكره ابن عطية والقرطبي في تفسيريهما. ورواه الإمام أحمد في المسند وغيره، وقال عنه الأرناؤوط في تحقيق المسند: إسناده ضعيف؛ لضعف ابن لهيعة، وبقية رجاله ثقَات، رجال الصحيح.
وقال ابن باز في مجموع فتاواه: السابقون هم الذين وصلوا إلى مقام الإحسان وهو: عبادة العبد ربه كأنه يراه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك» ، وأهل هذه المرتبة هم السابقون المقربون، المذكورون في قوله سبحانه في سورة الواقعة: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} (3) {أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} (4) {فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ} (5) {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ} (6) {وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ} (7) الآية. اهـ.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياك منهم.
والله أعلم.