الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالشيطان عدو مبين لابن آدم، ومن كيده أن يوسوس للعبد في إيمانه بالله، فعلى المسلم إذا عرضت له مثل هذه الوسواس أن يعرض عنها، وأن يدرأها بالاستعاذة بالله عز وجل، ومتى كره العبد هذه الوساوس، ودافعها لم تضره، بل إن كراهة وساوس الكفر، ونفور القلب منها علامة إيمان، كما جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة أنه قال: جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به؟ قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان. رواه مسلم.
قال النووي: معناه: استعظامكم الكلام به، هو صريح الإيمان، فإن استعظام هذا، وشدة الخوف منه، ومن النطق به، فضلاً عن اعتقاده إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالاً محققاً، وانتفت عنه الريبة والشكوك. اهـ.
لكن نوصيك أن تكون همتك في تحصيل العلم النافع الذي يقربك إلى الله، وأما تفاصيل الضلالات فلا ننصحك بتتبعها واستماعها؛ لأن الشبهات قد تعلق بقلب العبد، لا سيما إن كان ضحل العلم، فينبغي للمؤمن أن ينأى بنفسه عن سماع شبهات أهل الأهواء دون حاجة؛ فإن القلوب ضعيفة، ورب شبهة يسمعها الرجل توجب هلاكه، وقد كان أئمة السلف مع سعة علمهم يعرضون عن سماع الشبهات.
قال معمر - في جامعه - : كنت عند ابن طاووس، وعنده ابن له إذ أتاه رجل يقال له صالح يتكلم في القدر، فتكلم بشيء فتنبه، فأدخل ابن طاووس إصبعيه في أذنيه، وقال لابنه: أدخل أصابعك في أذنيك واشدد، فلا تسمع من قوله شيئاً؛ فإن القلب ضعيف.اهـ.
وقال الإمام الذهبي: أكثر أئمة السلف على هذا التحذير، يرون أن القلوب ضعيفة، والشبه خطافة. اهـ.
وانظري للفائدة الفتوى رقم: 123135 ، والفتوى رقم: 189563 .
والله أعلم.