الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأعمال تقبل من المسلم بشرطين، هما الإخلاص لله والمتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى: فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا {الكهف:110}، وليس من شرط قبول الصلاة أن يكون العبد عالما بمعنى ما يتلوه من الآيات أو يردده من الأذكار، فإنه إذا أتى بذلك مخلصا لله متبعا لنبيه صلى الله عليه وسلم كان عمله مقبولا، ولم يشترط أحد من الفقهاء فيما نعلم معرفة معاني الآيات والأذكار لتصح الصلاة، وإن كان تعلم معاني تلك الأذكار والآيات المتلوة أعظم أجرا؛ لأنه أعون على حضور القلب وأجلب للخشوع الذي هو لب العبادة وروحها، وليس من شرط قبول الصلاة أن يكون العبد عالما بتفصيل أركان الصلاة وواجباتها، بل لو صلى صلاة مشتملة على الأركان والواجبات كانت صلاته تلك مقبولة وإن كان لا يميز الركن من الواجب أو المستحب.
قال البهوتي رحمه الله في شرح الإقناع: (وَإِنْ اعْتَقَدَ الْمُصَلِّي الْفَرْضَ سُنَّةً أَوْ عَكْسَهُ) بِأَنْ اعْتَقَدَ السُّنَّةَ فَرْضًا (أَوْ لَمْ يَعْتَقِدْ شَيْئًا) لَا فَرْضًا وَلَا سُنَّةً (وَأَدَّاهَا عَلَى ذَلِكَ) الْوَجْهِ السَّابِقِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الشُّرُوطِ وَالْأَرْكَانِ وَالْوَاجِبَاتِ (وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ لَهُ مِنْ الصَّلَاةِ وَلَمْ يَعْرِفْ الشَّرْطَ مِنْ الرُّكْنِ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ) قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ لَا يَضُرُّهُ أَنْ لَا يَعْرِفَ الرُّكْنَ مِنْ الشَّرْطِ وَالْفَرْضَ مِنْ السُّنَّةِ. انتهى.
والله أعلم.