الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء في من نذر صوما معينا فأفطر لعذر كالمرض والحيض، فذهب بعضهم إلى وجوب قضاء ما أفطر ووجوب الكفارة، لفوات التعيين، وذهب بعضهم إلى عدم وجوب الكفارة للعذر، قال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ في من نذر صوما معينا فأفطر لعذر: يبني على ما مَضَى مِنْ صِيَامِهِ، وَيَقْضِي وَيُكَفِّرُ، هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: فِيهِ رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي عُبَيْدٍ، لِأَنَّ الْمَنْذُورَ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَشْرُوعِ، وَلَوْ أَفْطَرَ رَمَضَانَ لِعُذْرٍ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَلَنَا، أَنَّهُ فَاتَ مَا نَذَرَهُ، فَلَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُخْتِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: وَلْتُكَفِّرْ يَمِينَهَا ـ وَفَارَقَ رَمَضَانَ، فَإِنَّهُ لَوْ أَفْطَرَ لِغَيْرِ عُذْرٍ، لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ إلَّا فِي الْجِمَاعِ. انتهى.
فعليك أن تقضي تلك الأيام، والأحوط أن تكفري عن نذرك لفوات التعيين، ولو لم تكفري عملا بقول الجمهور رجونا أن يجزئك ذلك.
والله أعلم.