الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الطلاق البائن، هو الذي لا يحقّ للزوج أن يرتجع المطلقة بعده، إلا برضاها، وبعقد جديد، والطلاق البائن أقسام:
منها: أن يطلّق الرجل زوجته قبل الدخول بها؛ لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا {الأحزاب:49}، وإذا انتفت العدة، انتفت الرجعة.
ومنها: أن يحصل سبب تستحق الزوجة به الخيار، فتختار نفسها بطلاق بائن؛ لأنه لو مكّن الزوج من حقّ الارتجاع؛ لما كان هناك معنى لتخييرها.
ومنها: أن يطلّق الزوج زوجته الطلقة الثالثة، وفي هذه الحالة؛ لا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره نكاحًا صحيحًا، يطؤها فيه؛ لقول الله تعالى: فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ {البقرة:230}، والمراد هنا بالطلاق: الطلقة الثالثة، كما يدل عليه سياق الآيات التي قبل هذه الآية.
ومنها: أن يطلّق الحاكم على الزوج زوجته، لغير إيلاء، ولا عسر بالنفقة …إلى غير ذلك.
والله تعالى أعلم.