الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمرأة المسلمة هجر فراش زوجها، والمبيت في غير مخدع الزوجية بغير رضا الزوج، فإن فعلت ـ بغير حقّ ـ فقد ارتكبت محرمًا، وتعرضّت لغضب الله عز وجلّ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِذَا بَاتَتِ الْمَرْأَةُ هَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا الْمَلاَئِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ. متفق عليه.
وينظر كلام الفيض المناوي في بيان معنى الحديث في الفتوى رقم: 59566.
أما إن كان الهجر بحق، فلا ملامة عليها، كما لو منعها النفقة الواجبة عليه، وهو ما أوضحناه في الفتوى رقم: 124684.
أو ابتدأها الزوج بالهجر، قال الحافظ ابن حجر: وَلَا يَتَّجِهُ عَلَيْهَا اللَّوْمُ إِلَّا إِذَا بَدَأَتْ هِيَ بِالْهَجْرِ فَغَضِبَ هُوَ لِذَلِكَ، أَوْ هَجَرَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ، فَلَمْ تَسْتَنْصِلْ مِنْ ذَنْبِهَا وَهَجَرَتْهُ، أَمَّا لَوْ بَدَأ هُوَ بِهَجْرِهَا ظَالِمًا لَهَا، فَلَا. اهـ.
وينظر كلام الشيخ العثيمين في جواز الهجر في حالة منع الحق بشكل عام في الفتوى رقم: 129984.
على أننا نوصي الزوجين بالتواد، والتغاضي عن الزلل، والمبادرة إلى الصلح، والتفاهم، فإن الهجر في المضجع يزيد من الشقاق، وليس سبيلًا لحل المشاكل بين الزوجين، ومن مكارم أخلاق المرأة الصالحة أن تأخذ بزمام المبادرة لمصالحة الزوج ـ ولو كان ظالمًا لها ـ فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ ـ رضي الله عنهما ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِنِسَائِكُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ الْوَدُودُ، الْوَلُودُ، الْعَؤُودُ عَلَى زَوْجِهَا، الَّتِي إِذَا آذَتْ أَوْ أُوذِيَتْ، جَاءَتْ حَتَّى تَأْخُذَ بَيْدَ زَوْجِهَا ثُمَّ تَقُولُ: وَاللَّهِ لَا أَذُوقُ غُمْضًا حَتَّى تَرْضَى. رواه الطبراني، وحسنّه الألباني.
والله أعلم.